Saturday, April 26, 2014

Sudanese Impressions


جدلية النظم الحاكمة عقب الحرب العظمى ، قد جعلت سقوط الدولة أمراً عسيراً يكاد لا يكون إلا في استثناءات قليلة ، ولكي تسقط الدولة ، يتطلب الأمر أن تتقطع أواصر النظام العلني وكذا النظام الخفي

النظام العلني هو مجموعة السياسيين والمتنفذين والبروتوكلات والمفاوضات ، والنظام الخفي هو الإرث الفعلي الذي تتداوله كافة النظم السياسية من أقصى اليمين وإلى أقصى اليسار ، والتي قد كونت متوالية موازية من خلايا عقائدية تتولى صياغة المشروع السياسي وبناء استراتيجياته وبرامجه التنفيذية

أخوان السودان ، وبعد ثلاثة عقود من التشبث بالسلطة ، صاروا أقوى من كافة المعارضين والموالين ، وقد انتشرت خلاياهم في كافة المناحي على نحو يصعب اجتثاثه ، ولعل المتنفعين من النظام أكثر شراسة من كوادره ، وبهم يترسب المكون العقائدي داخل البيوت والمكاتب والمدارس ، بل ووحدات الجيش
الحالة السائدة تقرب من الغيبوبة والاستسلام ، حالة من غفو القطيع أكثر منها انقياده
لست أخشي على السودان من الفوضى ، بل لعلي أخشى عليه من اليقظة
هذه اليقظة سوف تشير الى تهدم بنوية الاخلاق والأفعال ، عندما تتفاقم الفجوات بين الأجيال والعائلات والأصدقاء ، ويدرك الناس في لحظة فارقة يؤسة بأنهم قد فقدوا كل شئ ، بما فيها رحمة ربي
في اعتقادي ان التطور حتمي ، وليس التغيير
التطور قد يحافظ على الكثير من العناصر والأفكار والأليات القديمة ، ثم يستحدثها ويستبدل بعض مكوناتها لكي ينتقل المجتمع وتنتقل الممارسة الى حالة أفضل تتفق والمقاييس الجديدة التي تلقى آذاناً صاغية بين الناس
هكذا حدث التطور في سائر أوربا وأسيا وأمريكا اللاتينية ، ولعل منيمار المثال الأحدث في تلك العملية
مشكلتنا في السودان ، هي الخلط بين التغيير والتطور ، وحسب ما أذكر ، مطلقاً لم يسعى أي فصيل معارض للتطور ، بل جلهم قد نادوا بالتغيير ، مما صعد المناوشة والمنافسة مع النظم الحاكمة ، ومن أخر سلب تلك الفصائل ما تتدثر به من رؤى مشوهة حول المستقبل المأمول

لذا فالسؤال حول القيادات التقليدية يبدو متعلقا بكل حالة وكل زمن ، وفقط المجتمع المدني يملك المقاييس لتصنيف هولاء ممن أمتهنوا السياسة والسلطة ، شريطة نضج هذا المجتمع المدني لتولى المهمة
ولعلي ذات يوم قد ترجلت عن موقعي في الحراك السياسي بسبب الخلاف حول ضرورة التغيير أم التطوير ، ولازال الجدل قائم ، وللأسف سوف يستمر بسبب صخب الرؤى والاعلام وسخونة الشارع

No comments:

Post a Comment