Tuesday, November 29, 2016

الكذبة الكبرى




لعله يجدر بكافة (المفوهين) من أبناء السودان ، ممن يرفعون شعارات القومية والحرية وخلافه ، أن يتذكروا مواقفهم فيما سبق منذ سنوات قليلة ، عندما فرض (العم سام) فصل الجنوب

لعلهم يتذكروا ما يحاولون جاهدين نسيانه ، في أن كل منهم قد شعر بالتحرر من (هم ثقيل وجبل أثقل) في وجدانهم ، من تلك المواصفات والصفات اللاعربية واللاسامية التي تقيد انتماءهم لشعوب وثقافة الضاد ، وتحول بين احلام المساواة العنصرية والعرقية وما يسمى بهتانا وزورا بالثقافية

لقد تناقلت الوسائط الاعلامية كلمات هنا وهناك وسرعان وما تلاشت بذريعة العولمة السياسية التي لاقبل لنا بها ، أو من باب أن هذه خيارات أهل الجنوب ولابد من احترامها ، أو لعلها صريحة بأن كفانا مشاكل بسبب هؤلاء العبيد ، تساوى في ذلك الجميع بغض النظر عن مواقعهم وشهاداتهم وانتماءاتهم ، وإلا ، لكان النقاش مستمراً عبر كافة وسائط الونسة والميري والجياشة ، فحجم الحدث يرتبط بحجم النقاش ، ولذا فإما أن الحدث بالفعل هيناً أو لعله كان مرغوباً ، وكلا التصنيفين لا يليق بأمة تتدعي الثقافة وإمامة الوعي بين العالمين (وفق الشعارات القومية)

تلك أول مرة يتنازل الجيش السوداني عن مفهوم التراب الوطني الواحد ، ليكون شمالياً أو غير ذلك ، وهكذا يمكن أن تُستباح الأعراض بغير جدية المعارضة أو حتى تأنيب الضمير ، وهكذا ينظر العالمين للتناقض لدى الشارع السوداني بين ضجة شارع الحوادث بالخرطوم والحوادث الدامية في جبال النوبا


في اعتقادي ان محاولات طمس الشعور القومي (الشمالي) تجاه الجنوب هي في ذاتها طمس لهوية الشمال ومدخل للتخبط والاضطراب فيه ، ومما لا شك فيه أن الهوية (الإخوانية) للنظام قد كرست الشعور بالتميز واللاانتماء بما يتفق مع استراتيجياتها وفي السيطرة المستدامة ، ثم يتساءل البعض عن من أين آتى هؤلاء

لست أعتقد بأن هناك انسان في سودان الشمال يخلو من (دي ان آيه) مشترك مع ابناء الجنوب والنوبا والفور والانقسنا ، والسؤال يفرض نفسه بشأن اللون وبعض السحنات والفلوكلور والقيم الاجتماعية كذلك ، وهذه هي مقدمة الكذبة الكبرى التي تتدحرج منذ الاستقلال ، لتكون أكاذيب كثيرة وأوهام أكثر

الجميع يعلم بأنه بقدر ما يكون هؤلاء عبيداً وإماءاً في الباطن من وعينا ، فنحن كذلك في نظر الكثيرين من حولنا ، رضينا أم أبينا ، اعترفوا أو لم يعترفوا ، وبقدر ما جابه أبل ألير النخبة بأنهم يرفضونه عنصرياً ، بقدر عدم اقادمنا على حوار المساواة مع ابناء لغة الضاد ، وإذا كان ، فهو بقدر كتمان حقائق الشعور الباطن لديهم ولدينا في آن واحد

وبعد ، هل الجنوب أقل شأناً من (حلايب) التي ارتضى أهلها الهويات المصرية منذ عقود ، ولا يزال شريان الحياة لديهم مصرياً بالكامل .. في الأمر تناقض مظلم وحالك السواد




No comments:

Post a Comment