الثورة المصرية كان لها صبغة مؤسساتية منذ المهد
لعل الشأن المصري أكثر شئون العرب قابلية للتحليل العلمي ، بحكم التطور الحضري المؤسسي في مصر، هكذا يصير الحديث عن مصر أكثر معقولية في أقليم اللامعقول فيما بين نهري السند في الباكستان والملوية في المغرب، وفيما بين المتوسط والفكتوريا، فلا عجب أنه أقليم يزخر بالثروات والناس والتواريخ والأفكار والداسائس والاضطراب والجنون في آن واحد، ولعله سيستمر كذلك حيث قد أدركتنا فاصلة التغيير التاريخية ، ولم نحسن التمسك بها ، فانطلقت لشأنها مع الآخرين من حولنا
لقد مضى عهد الشعارات والملاحم الثورية، بحكم الاتصالات والفردية والنفعية والعلمانية كذلك، وسائر الأطر القديمة أصبحت بالية بينما ذوي الحماسة لها انقلبوا متعاطين للسياسة أو مدمنين للكلام أو مستسلمين للتوهان الإرادي.. كما صدق القول، فليس هناك من ابتكار أو أفكار للاستمرار، بل بكاء حار أو تمثيلي على نظريات (او شعوب او ثقافات) ماتت أو هي في حالة احتضار طويل ومستمر ، ويا له من عذاب أن يحتضر المرء دون أن يموت