Saturday, January 29, 2022

إبراهيم باشا


أعلم أن المؤسسة العسكرية المصرية تحتفي كثيراً بـ ابراهيم باشا ، باعتباره المؤسس الفعلي لها ، ولكنني كنت أبحث عن السبب في تحول هذه الشخصية العسكرية القيادية والقاسية الى أنموذج لجيش أعادت الأحداث صياغة ثقافته منذ حرب 1948 .. ولعلى أدري الصيغ الاستراتيجية الأمنية في مصر ، والتي لم تتغيير كثيراً منذ الدول الفرعونية القديمة ، بل قد أججتها دول العصور الوسطى من فاطميون وأيوبيون ومماليك .. ولكنني كنت أبحث عن سر افتتان المعاهد العسكرية المصرية بهذا القائد المتمصر والمستعرب حتي وجدت العبارة أدناه


"سلام على إبراهيم قاد جيشه من نصر إلى نصر"

هذه العبارة محفورة على اللوح الرخامى المثبت على قاعدة تمثال إبراهيم باشا في ميدان العتبة مصحوبة بقائمة للمعارك التي خاضها بتواريخها ، وإبراهيم باشا يمكن وصفه بالعروبى الأول ، إذ سأله موفد أوربي : إلى أين تمضى بجيشك ،، فرد:

إلى حيث أكلم الناس ويكلموننى بالعربية.

يقع تمثال إبراهيم باشا في ميدان الأوبرا بوسط القاهرة منذ عام ١٨٧٢، أثناء عهد الخديو إسماعيل ، الذي كلف الفنان الفرنسى "كوردييه" بصنع تمثال لأبيه إبراهيم ، تم وضع التمثال أولا في ميدان العتبه الخضراء ، لكنه نقل بعد ذلك إلى مكانه الحالي.
وصنع كوردييه لوحتان لوضعهما على قاعدة التمثال الرخامية وكانت اللوحتان تحكيان عن معارك بين مصر وتركيا ، إلا أن تركيا تدخلت ورفضت وضع اللوحتين لأنهما تمثلان هزيمتها أمام الجيوش المصرية ، وبالفعل سافر كوردييه إلى فرنسا ومعه اللوحتان.
وفي عهد الملك فاروق الأول في عام ١٩٤٨ قررت الحكومة المصرية في إطار احتفالها بمرور ١٠٠ سنة على وفاة إبراهيم باشا ، وضع اللوحتين ، وحاولت التواصل مع حفيد كوردييه لإيجاد اللوحات ، إلا أن تلك المحاولة فشلت، فقام الفنانان المصريان أحمد عثمان ومنصور فرج في صنع لوحتين شبيهتين بلوحتي كورديه ، وهما الموجودتان حاليا على جانبي التمثال.



كان المصريون يلقبونه: «أبو خليل» محبة وتودداً ، وكان إبراهيم باشا يؤمن إيماناً راسخاً وعن خبرة وتجربة بإمكانيات الجندي والضابط المصريْيْن ، ويثق فيهما أكثر من ثقته في نظرائهما من الأتراك ، الذين ظل يسخر منهم ، وكثيراً ما كان يردد إن ضباطه الأتراك «لا يفعلون شيئاً سوي أنهم يدخنون طوال اليوم ويريدون منه أن يغسل لهم أياديهم» ، وحين تعجب أحد مساعديه من المصريين من قوله ذلك بينما هو نفسه تركي ابن تركي أجاب إبراهيم باشا بحسم: «أنا لست تركياً ، فإني جئت إلى مصر صبياً ، ومن ذلك الحين مصرتني شمسها وغيرت من دمي وجعلته دماً عربياً».

كان القائد إبراهيم عربي اللغة والعاطفة ، وإن لم يكن عربي المولد ، وكان ينوه بفضل العرب على المدنيّة والتاريخ ، يقول عنه أحد البارونات الفرنسيين ممن عاصروه: «كان إبراهيم باشا يعد نفسه عربياً ، وكان يجاهر بإحياء القومية العربية»، وكتب إلى أبيه في أثناء حصار عكا حين بلغه أن السلطان العثماني حشد الجيوش لدحر الجيش المصري بعيداً عن أسوارها «مهما بحثوا فلا يمكنهم أن يعثروا على مثل جنود العرب الذين أقودهم أنا»

قال المسيو مورييه في هذا الصدد: «لما انتظم الفلاحون في صفوف الجيش النظامي ألفوا بسرعة حياتهم الجديدة ، وبعد ان كانوا معتادين الذل والمسكنة في قراهم استشعروا تحت راية الجيش بكرامتهم الانسانية ، واخذوا يفخرون بأنهم جنود محمد علي ويقابلون غطرسة الترك بمثلها ، ولم يقبلوا أن يُسمَّوْا فلاحين وعدوها تصغيرا لشأنهم لان هذه التسمية كانت تُشعر وقتئذ بشىء من المهانة ، ونالوا من الحكومة أمرا لا ينبذهم أحد بكلمة فلاحين».

وخلال حرب الشام أجبر إبراهيم باشا والده على الموافقة على ترقية المصريين إلى رتبة اليوزباشي ( النقيب) بسبب حاجات الحرب ومقتل ضباط مماليك ، وظل ابراهيم يضغط لإقناع والده بأن المصريين ليسوا جنوداً أكفاء فحسب بل يمكنهم أن يكونوا ضباطاً أفضل من الأتراك 



No comments:

Post a Comment