Saturday, July 2, 2016

جيل مضروب

برغم براعة الكاتب في تشريح المشكلة ، إلا أنني أختلف معه في أن الأمر ليس متعلقاً بالتبذير أو الثراء ، بل   بالأفكار الفاسدة حول التربية الحديثة.. لقد بدأ الأمر منذ السبعينات ، إثر نكسة الأيام الست ، التي جلبت الى العرب التشكيك في كل مقدراتهم وثقافتهم وهوياتهم ، وطفق أرباب صنعة الكلام من الصحافيين والكتاب في التغني بالتجارب الغربية ومدي براعتها في خلق أجيال جديدة .. أدى هذا إلى أن يعمد الأباء والأمهات إلى أساليب تربوية أكثر ديمقراطية وأقل عنفاً ، ونشأ على هذا جيل الأكس ، وبهم عند تمام الدورة الديموجرافية ، نشأ جيل الملينيا على نحو متسيب أكثر منه حراً ، وديماجوجياً أكثر منه براجماتياً 
المشكلة صارت بلا حل ، تشمل كافة طبقات المجتمع وكافة شرائحه ، ولعلها أكثر وضوحاً لدى النقيضين ، الأكثر ثراءاً والأكثر فقراً ، وسوف يتطلب الأمر أكثر من النقاش والدعاء بأن يصرف الله السوء والخطر

للكاتب/عبدالله الغامدي
أطفالنا ما أطول ألسنتهم أمام أمهاتهم والخادمات ، ولكنهم أمام الكاميرا يصبحون كالأرانب المذعورة، لا أدري كيف يحدث هذا.؟
الكسل أحلى من العسل
ماذا جنى الأولاد والبنات من هذا الكسل ؟
لا شيء سوى الطفش
دائماً صغارنا وكبارنا ونسائنا طفشانين
السبب : لأنهم لا يعملون شيئاً
من لا يتعب لا يحس بطعم الراحة .. ومن لا يجوع لا يحس بطعم الأكل
كل مشاوير بيتزاهت وماكدونالد لم تعد تسعد صغارنا ، ولم يبق إلا متعة صغيرة في النوم في بيت الخالة ، والتي لا يسمح بها دائماً.. ولذلك بقي لها شيء من المتعة
هذا السيناريو هو السائد في معظم المنازل السعودية والخليجية
المصيبة لا تحدث الآن ، ولكنها تحدث بعد عشرين سنة من التبطح، تكون نتيجتها: بنت غير صالحة للزواج
وولد غير صالح لتحمل أعباء الزواج هو الآخر .. لأنه ببساطة : غياب تحمل المسؤولية لمدة عشرين عاماً لا يمكن أن يتغير من خلالها الابن بسبب قرار الزواج ، أو بسبب تغير سياسة المنزل، لأن هذه خصال وقدرات إذا لم تبن وتزرع مع الزمن فإنه من الصعوبة بمكان استعادتها
الانضباط ممارسة يومية لا يمكن أن تقرر أن تنضبط في عمر متأخرة لكي يحدث الانضباط. وبلا انضباط لا يمكن أن تستقيم حياة
بيل غيتس، أغنى رجل في العالم يملك 49 ألف مليون دولار ، أي ما يعادل 180 ألف مليون ريال سعودي ، ويعمل في منزله شخصان فقط ..! تخيلوا لو كان بيل غيتس خليجياً كم سيعمل في منزله من شغاله؟ 30، 40، ألف، أو أهل اندونيسيا كله
أذكر أيام دراستي في أمريكا أنني سكنت مع عائلة أمريكية ثرية ولم يكونوا يأكلون في ماكدونالد إلا مرة واحدة في الشهر ، وتحت إلحاح شديد من أولادهم
ولم يكن أولادهم يحصلون على مصروف إلا عن طريق العمل في شركة والدهم عن أجر بالساعة
لا أحد 'يبذر' بالاموال على أولاده كأهل الخليج
جيل الآباء الحاليين في الخليج عانى من شظف العيش وقسوة التربية فجاء الإغداق المالي والدلال على الجيل الحالي بلا حدود كتعويض عن حرمان سابق
حتى أثرياء عرب الشام ومصر أكثر حذراً في مسألة الصرف على أولادهم
الآن أجيال كثيرة في الخليج قادمة للزواج لن تستطيع تحمل الأعباء المالية لخادمة، حتى وإن كانت خادمة بيت الأهل تقوم بهذا الدور مؤقتاً فإنها لن تستطيع على المدى الطويل
والإبن الفاضل سيتأفف من أول مشوار لزوجته الجديدة ثم تبدأ الشجارات الصغيرة والكبيرة التي تتطور وتصل للمحاكم وتنتهي بالطلاق ، وهذا مايفسر ارتفاع معدلات الطلاق في المملكة والخليج في السنوات الأخيرة
في الخليج نعيش الحياة على طريقة ( تتدبر) ! ، في المجتمع المدني يجب أن تدبر أمورك مبكراً ، وفي أمور الحياة يجب أن تبذل عمرك كله
الطفل الذي يرمي حقيبته بجانب أقرب جدار في المنزل سيدفع ثمن هذه اللامبالاة حينما يكبر ومن أصعب الأشياء تغيير الطبائع والسلوك
قولة : ( تتدبر ) هذه قد تصلح قديماً في زمن الغوص
وزمن الصحراء
والحياة في انتظار المطر
ولكنها لا تصلح للحياة المدنية التي تحتاج إلى انضباط ومنهج . وتدبير منا نحن في كل شؤون حياتنا منذ الدقيقة الأولى من المباراة
السؤال هنا هل سنسعى للتغير من أنفسنا ومن أسلوب تربيتنا ﻷولادنا أم سنتركها تتدبر
لا تسرفوا فى تلبية مطالب الرفاهية للأبناء
فيملوا ويسأموا
فإذا سئموا ساء خلقهم وارتفع صوتهم
ويتساءل الآباء و الأمهات
لماذا هم ساخطون ونحن لرغباتهم ملبون ؟
والجواب
لأنكم حرمتموهم من لذة الكد و السعى لتحقيق الأهداف
فصارت الحياة بلا طعم ولا معنى
لأنكم حرمتموهم من لذة العطف على الفقراء و الإيثار
فصارت النفوس جافة قاسية
لأنكم حرمتموهم من لذة العلم والإيمان
فخربت القلوب
غيروا سياسة التربية
غيروا فكرة لا أريد ان يشعر ابني بأنه محروم من شي
واجعل حياة ابنك - بنتك - مليئة بالأهداف ، و الحركة ، و السعى لنفع الناس
ربيه على أن قيمته فى نفعه لغيره
وليس فى قيمة الجوال الذى يمتلكه ، والسيارة التى يركبها ، وماركة التى شيرت والنظارة
قيمته فى تزكيته لنفسه بالعلم النافع والعمل الصالح والخلق القويم
قيمته فى عبادته لربه و بره بأمه وإحسانه. لجاره
نريد ثورة تربوية
ثورة على مفاهيم المادية والاستهلاكية والتنافس

No comments:

Post a Comment