الوعى هو ما يتكون لدى
الإنسان من أفكار ومفاهيم ووجهات نظر عن الحياة والطبيعة من حوله.
وينقسم إلى :
- الإنسان الواعى هو ما
يتكوَّن لديه من أفكار ومفاهيم ووجهات نظر عن الحياة وما يحيط به
من كل مناحى الحياة.
- الإنسان غير الواعى
الذى قد يكوِّن وعيا زائفا عندما تكون أفكاره ووجهات نظره ومفاهيمه غير متطابقة مع
الواقع من حوله أو قد يكون وعيا غير واقعى أو جزئيا عندما تكون الأفكار والمفاهيم
مقتصرة على جانب أو ناحية معينة ولا تشمل كل النواحى والجوانب والمستويات.
وتختلف مدلولات الوعى من
مجال إلى آخر، فهناك من يقرنه باليقظة (فى مقابل الغيبوبة أو النوم)، وهناك من
يقرنه بالشعور ويشير به إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية،
ومن ثم يمكن أن نفهم الدلالة العامة للوعى على أنه ممارسة نشاط معين (فكرى – تخيلى
- يدوى)، ولهذا يمكن تصنيف الوعى إلى أصناف أربعة، هى:
- الوعى العفوى التلقائى:
وهو ذلك النوع من الوعى
الذى يكون أساس قيامنا بنشاط معين دون أن يتطلب منا مجهودا ذهنيا كبيرا، بحيث لا
يمنعنا من مزاولة أنشطة ذهنية أخرى.
- الوعى التأملى:
وهو على عكس الأول يتطلب حضورا ذهنيا قويا ويرتكز على
قدرات عقلية عالية كالذكاء والإدراك والذاكرة، ومن ثم فإنه يمنعنا من أن نزاول أى نشاط آخر.
-الوعى الحدسى:
وهو الوعى المباشر والفجائى الذى يجعلنا ندرك أشياء أو علاقات أو معرفة دون أن
نكون قادرين على الإتيان بأى استدلال.
- الوعى المعيارى
الأخلاقى:
وهو الذى يجعلنا نصدر أحكاما قيمة على الأشياء والسلوكيات
فنرفضها أو نقبلها بناء على قناعات أخلاقية، وغالبا ما يرتبط هذا الوعى بمدى
شعورنا بالمسئولية تجاه أنفسنا والآخرين.
أما وقد تكلمنا عن الوعى
فاسمحوا لى بأننلقى الضوء على تزييف الوعى، وهو إحدى وسائل العمل وأدوات التحكم
الأساسية للسيطرة على الفكر الثقافى، ويمارس بغرض السيطرة على الفكر الثقافى
والإعلام من خلال إعادة ترتيب الأولويات وإعلاء شأن القضايا الثانوية فى مقابل تهميش
القضايا الأساسية.
- تزييف الوعى:
بداية من ثمانينيات القرن الماضى، حيث ألف اليسارى
المصرى محمود أمين العالم كتاب "الوعى والوعى الزائف فى الفكر العربى
المعاصر"، فى غمرة الصراع الأيديولوجى المحتدم فى ذلك الوقت بين الرأسمالية
والشيوعية من أجل التوسع والانتشار، كشف فيه عن كيف كانت عملية تزييف الوعى بغرض
السيطرة على الفكر الثقافى والإعلام والتعليم، وذلك بتسليط الضوء على القضايا
الثانوية وتهميش القضايا الأساسية. وتولت الكاتبة والمؤرخة البريطانية "Frances
s Saunder" فضح الخفى من خبايا وأسرار تلك الحقبة
ضمن كتابها الرائع من يدفع للزمار "الحرب الباردة الثقافية" من خلال
وقوفها على الأموال الضخمة التى أنفقت من أجل السيطرة على الفكر العالمى عن طريق
إنتاج وعى مزيف فى أنحاء العالم تدعمه بقوة البرامج ]الإخبارية "الصحافة – التلفاز- الإذاعة"- والثقافية
(الأفلام – الكتب – المؤتمرات – الندوات)[.
- إن الانفتاح الذى تعرفه
وسائل التواصل الاجتماعى يؤدى إلى تدفق المعلومات لكن السؤال حول نوع وطبيعة
وحقيقة المعلومات المتدفقة يظل قائما، فليس كل ما يلمع ذهبا أو كما يقال
"كثرة المعلومة تقتلها"؛ حيث يتحول طوفان المعلومات السائل فى وسائل
التواصل الاجتماعى إلى مدخل للتلاعب وتزييف الوعى.
-وقد نبه عالم الاجتماع
الأمريكى رايت ميلز "Wright Mills" إلى هذا الخطر مبكرا حتى قبل ثورة التكنولوجيا حين أكد أن
الناس لا يحتاجون إلى المعلومات فى عصر الحقيقة الذى تسيطر فيه المعلومات على
انتباه الناس وتركيزهمبقدر مايحتاجون إلى نوعية من المنطق والتفكير والأدوات التى
تساعدهم على استثمار المعلومات وحسن توظيفها وتطوير تفسيرها كى يتمكنوا من فهم
واستيعاب ما يدور فى العالم الخارجى، ويكفى أن نعرج سريعا على ما يطرح من معلومات
وأفكار وقضايا وموضوعات فى رحاب مختلف وسائل التواصل الاجتماعى (فيسبوك - تويتر -
..) حتى ننتهى بخلاصات تكاد تكون قاسما مشتركا بين رواد هذه الوسائل، فمن ناحية
أولى تفتقد هذه الوسائل إلى أدوات "ميكانيزمات" تمكن روادها من التمييز
بين الحقيقة والإشاعة أو الأخبار الزائفة ما يعرف بـ "fake
news" التى تنتشر فيها مثل انتشار النار فى
الهشيم حتى إن محترفى الإشاعات يستغلون جمهور هذه الوسائل لنشرها تحقيقا لمصالح أو
خدمات لجهات معنية، ومن ناحية ثانية يتضح أن النقاش حول موضوع أو قضية ما تنتهى
بانتهاء مفعول الخبر الذى كان وراء مشاركتها بين أكبر عدد من الأفراد أو بظهور خبر
جديد أقوى وأكثر إثارة من سابقه، وبذلك يدخل الجمهور فى دوامة لا متناهية من
الأخبار أو المعلومات التى ينسى بعضها بعضا بلا توقف، ومن ناحية ثالثة لا يتجاوز
النقاش حول هذه القضايا والموضوعات سطحية الحدث وإغراءات الخبر.
-أخطار
تزييف الوعى
يؤدى تزييف الوعى دورا خطيرا فى مختلف البيئات والمجتمعات
الإنسانية. لذا، فإنها تؤثر فى الأمن والاستقرار وتكدر الأمن والسلم المجتمعى عبر
خلق حالة عامة من التشكيك والبلبلة والرفض والتخوين فى كل الأوقات لاسيما فى فترات
اتخاذ القرارات بكل مستوياته حتى تصل إلى التحريض على الدولة، ومن ثم تهدد تماسك
المجتمع وأمنه وتحرك اللاوعى لدى الجماهير تمهيدا للوصول إلى مرحلة هشاشة الدولة
وسقوطها، وتتنوع تلك الأخطار إلى سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، ولنا فيما
يدور بمجتمعنا من أمثلة للدلالة على خطورة تزييف الوعى وبيان مدى تأثيره فى الدولة
المصرية الكثير والكثير، سنستعرض بعضها كالآتى:
- أخطار سياسية:
مثال:الانبطاح أمام الدول الأخرى – إدعاء وجود استقبال فاتر
لكبار المسئولين فى زياراتهم الرسمية الخارجية، وذلك بهدفالتشكيك وإثارة البلبلة
والتهويل ومحاولة إرباك صانع القرار.
- أخطار اقتصادية:|
مثال:عدم الجدوى الإقتصادية للمشروعات - المصريون يأكلون من
القمامة – انهيار الجنيه ما يؤثر بشكل مباشر فى الفرد والمجتمع (معدل البطالة –
العملة المحلية) ويؤدى إلى صعوبة اتخاذ القرار السليم بواسطة السلطات النقدية
والمالية.
- أخطار عسكرية:
مثال:خير أجناد الأرض حديث ضعيف لمحاولة إشاعة الروح
الانهزامية والتأثير فى معنويات الشعب بإشاعة عدم جدوى المجهودات العسكرية.
- أخطار اجتماعية:
مثال:إذكاء التعصب الكروى والاهتمام بحالات الطلاق بين
الفنانين مع عدم إلقاء الضوء على ما تقوم به الدولة من مجهودات؛ لبث مفاهيم مغلوطة
وكاذبة عن الدولة، ومحاولة زرع اليأس والإحباط فى العقول والنفوس والتشكيك بصورة
مستمرة فى مشروعات الدولة.