السودان تم اختزاله في الخرطوم المدينة ، وقد شمل هذا غالب "متعهدي" السياسة والعلم والفن ، ولعل هذا شأن كافة البلدان المتعثرة في النمو والتنمية ، حيث تتدهور الأقاليم والأمصار لصالح معقل الدرهم والقلم والدولار ، ألا وهي العواصم التي تنوء بالعشوائيات والإمتدادات العفوية التي تسمى زوراً وبهتاناً بالخطط والبرامج الاسكانية ، ولا يوجد من يستحي معرفياً ليسميها مدناً ويناديها حضر .. الأزمة كما يبدو جلياً لم تختزل وتنحسر لتكن في فرقة حاكمة وأخر تتنافس معها على حاضر ومستقبل الأمة ، ولكنها تتمدد وتتضخم لتشمل الكافة ممن تجذبهم الجرائد الصفراء والمقالات الحمراء والأحلام الخضراء ..
في الأحواش والبرندات تتكرر الونسات اليومية حول كل شئ من الأبرة للصاروخ ، دونما وازع عقلاني لإدراك أننا لا نصنع إبرة ولا صاروخ ، وأن منتجاتنا الاستهلاكية القليلة تمثل إرث شاذ في واقع ريفي رعوي برغم الأبنية والطرق وقاعات الحفلات .. هكذا لم يكن يسخر من دعى ذات يوم إلى بيع البلد واقتسام الثمن ، أو من تمنى عودة المستعمر ، أو من إغترب زوجها ورفضت العودة ، أو من هاجر إلى عوالم الأنوار وتعافى من طقوس التمني والونسة والأسفار (مثل العبدلله) ..
الأمر برمته يرفع التساؤل حول الوعي الحق والجهد الحق ، ففي العشوائيات والهوامش سقطت مصداقية الكلمات والأفكار ، فهى مطلقاً لم تداوي مريضاً أو تطعم جائعاً أو تستر عارياً ، وبرغم أكاذيب التميز والتفوق (قراءةً وسياسةً ودراسةً وخدمة مدنية) ، فلم يتوقف أحدهم لكي يستوعب أن الحضارة لا تموت ، وإن ماتت فهي لم تحيا مطلقاً .. هكذا نتفاخر بمدعي مهدية ، ونتداول تفاسير من شكك في أصول الدين ، ونتسابق لمتابعة تصريحات من أدمنوا الأكاذيب ، ونتساءل عن موطن الحكام الذين شاركونا اللعب في الحارات ..
أليس في الأمر مدعاة للحزن والدهشة ممزوجان بالحسرة ؟ لذا ، لست من يقبر وعيه في شعارات الثورة والفورة ، فليس لدينا جبابرة أو أساطير بشرية بل إناس عاديين وكثر منهم أقل مما قد نتمنى .. ولكن أدعو لدعم الشباب الذين يجمعون القروش القليلة لشراء دواء لمريض أو طعام لجائع أو ملابس لعاري .. توقفوا عن الدعوات البراقة المثيرة والمزركشة ، ودعونا نقف على أرض الواقع الفعلي .. فلنتوقف عن إدمان القراءاة والكتابة والخطابة قليلاً ، ولندعو لدعم الجمعيات الطوعية ، ففي ثناياها المستقبل الحق والمستدام للوطن .. وبرغم التضارب فيها ، فقد تقدم يد عون حقيقي لمواطن واحد فقط
خلال العقدين الأخيرين ، قد بذل المتنورون من أجيال الكثرة وأكس وواي ، الكثير من الجهد من أجل بذر وقيادة التغيير ، وقد أثمرت الجهود في تلك المشاهد التاريخية التي عمت الكثير من البلدان في عام 2011 ، وقد أطلق بعض الخبثاء على النسخ العربية منها مسمى: الربيع العربي .. ومما يثير الشجن أن أيٍ من تلك المشاهد لم تثمر تمراً ولا نبقاً بل تردي متفاوت الدرجات ، مما جعل الخجل يلف الغالب من الكتاب لتداول أحداثها بالنقد والتشريح ، لقد كان الجميع تواقاً ومتوقعاً للتغيير أكثر من استعداده لمجابهة أخطار القرار الخاطئ أو الفهم الخاطئ ، وهذا إدمان عربي متأصل ..
ولعل البلد الأوحد الذي أثمر خيراً على أبناؤه كان المينيمار ، وبالطبع فإن هذا الأسم ثقيل على آذان مدعي الثقافة والفهم من متحدثي لغة الضاد لكي يتابعوا أخباره ..
هكذا سقطت دعاوي التغيير حيث أعطاها الجيل الشاب آذاناً صماء .. هؤلاء الصبية والفتيات (بحكم كوننا أقرب للكهولة) هم أكثر ذكاء وملاحظة ، وبكم وقتهم الضائع على الأجهزة الذكية بكم نفورهم من خبراتنا القائمة على الشعارات والتواريخ والأحلام .. هم يدركون أننا نتحدث عن وطن قليلة هي الدماء التي أريقت له ، وأننا نتفاخر بتواريخ ليست لها استدامة ، ونداوم على طقوس لم يعد لها محل من الاعراب .. لقد اختلفت الأولويات والمعاني والأفكار في عالم اليوم .. لا يهم أن يكون براك أوباما أبيض أم أسود ، مسلم أم مسيحي ، رجل أم امرأة ، ديموقراطي أم ديكتاتور ، اشتراكي أم ليبرالي ، صريح أم مثلي الجنس .. ما يهم هو اللغة البسيطة والبلاك بيري وفنتازيا الروك ستار .. ما يهم هو منطقه البسيط حول الرعاية الطبية وفرص العمل وتقنين المهاجرين وتطوير المدارس والتوقف عن الحروب الخارجية ، ولعل هناك من يقول بأنها الاهتمامات المحلية الامريكية ، ولكنني أقول أنها الاهتمامات الشبابية العالمية .. بإمكانكم القراءة مجدداً ، والقول بأنها غير عمومية وغير عالمية ، إن وجدتم الدليل
السودان ليس مختلف عن الآخرين ، وشبابه لا يبحث عن دماء تراق في الشوارع ، أو إدمان المجابهة مع عناصر الأمن ، بل عن فعل يكون ليبقى ، دون المقولات المتكررة حول الوطن والفداء والثورة .. ولعل التغيير الحقيقي هو تغيير الخطاب الذي تتسلط عليه أجيال الكهولة ممن قد أدمنوا الصراع ، ومعذرة
Baby-Boomers, X & Y
ولعل البلد الأوحد الذي أثمر خيراً على أبناؤه كان المينيمار ، وبالطبع فإن هذا الأسم ثقيل على آذان مدعي الثقافة والفهم من متحدثي لغة الضاد لكي يتابعوا أخباره ..
هكذا سقطت دعاوي التغيير حيث أعطاها الجيل الشاب آذاناً صماء .. هؤلاء الصبية والفتيات (بحكم كوننا أقرب للكهولة) هم أكثر ذكاء وملاحظة ، وبكم وقتهم الضائع على الأجهزة الذكية بكم نفورهم من خبراتنا القائمة على الشعارات والتواريخ والأحلام .. هم يدركون أننا نتحدث عن وطن قليلة هي الدماء التي أريقت له ، وأننا نتفاخر بتواريخ ليست لها استدامة ، ونداوم على طقوس لم يعد لها محل من الاعراب .. لقد اختلفت الأولويات والمعاني والأفكار في عالم اليوم .. لا يهم أن يكون براك أوباما أبيض أم أسود ، مسلم أم مسيحي ، رجل أم امرأة ، ديموقراطي أم ديكتاتور ، اشتراكي أم ليبرالي ، صريح أم مثلي الجنس .. ما يهم هو اللغة البسيطة والبلاك بيري وفنتازيا الروك ستار .. ما يهم هو منطقه البسيط حول الرعاية الطبية وفرص العمل وتقنين المهاجرين وتطوير المدارس والتوقف عن الحروب الخارجية ، ولعل هناك من يقول بأنها الاهتمامات المحلية الامريكية ، ولكنني أقول أنها الاهتمامات الشبابية العالمية .. بإمكانكم القراءة مجدداً ، والقول بأنها غير عمومية وغير عالمية ، إن وجدتم الدليل
السودان ليس مختلف عن الآخرين ، وشبابه لا يبحث عن دماء تراق في الشوارع ، أو إدمان المجابهة مع عناصر الأمن ، بل عن فعل يكون ليبقى ، دون المقولات المتكررة حول الوطن والفداء والثورة .. ولعل التغيير الحقيقي هو تغيير الخطاب الذي تتسلط عليه أجيال الكهولة ممن قد أدمنوا الصراع ، ومعذرة
Baby-Boomers, X & Y
بالفعل ، لعل عبقرية القاهرة في أن سائر ما يحدث فيها ينتقل ولو بعد حين إلى سائر أصقاع العرب ، وهذه حقيقة تاريخية جغرافية ديموجرافية لا تحتمل الجدل ، وكما كان يجتمع العرب للاستماع إلى عبد الناصر أو أم كلثوم ، بكم ما يستمعون الآن إلى الفوضي العارمة والتشكيك الشامل في مصر القاهرة .. أأمل ألا تنتقل مجدداً أمواج القاهرة إلى الآخرين .. فهل تتوقف الفيزياء الطبيعية عن العمل؟
No comments:
Post a Comment