Friday, November 14, 2025

حين تزرع البهجة في قلبٍ آخر

 


قرّر عروسان من تركيا أن يكتبا قصّة مختلفة عن الأفراح التقليدية… قصة تجعل من يوم زفافهما عيدًا للإنسانية لا للترف.

في صيف عام 2015، بمدينة كيليس الواقعة على الحدود التركية السو*رية، كان فتح الله وإسراء يستعدّان لليوم الذي يحلم به كل عاشق. لكن وسط ضجيج التحضيرات والأفكار حول القاعة والوليمة، طرح والد العريس فكرة غيّرت مجرى حياتهما للأبد:
"لماذا لا نشارك فرحتنا مع من لا يجدون ما يأكلون؟"

كانت كلمات بسيطة، لكنها لامست أعماق قلبيهما. فبدلًا من إقامة حفلٍ فاخر يكلّف آلاف الليرات، قرّر العروسان تحويل ميزانية الزفاف إلى وليمةٍ تطعم آلاف اللا* جئين السو*ريين الذين كانوا يعيشون في خيام على أطراف مدينتهم.

وفي يوم الزفاف، ارتدت إسراء فستانها الأبيض، ووقف فتح الله إلى جوارها ببدلته الأنيقة، لكنّهما لم يتوجّها إلى قاعةٍ مزيّنة أو موكبٍ مزخرف... بل إلى المخيم، حيث آلاف الوجوه المتعبة تنتظر لقمةً تسند الجوع.
هناك، وسط صفوف طويلة من الرجال والنساء والأطفال، بدأ الزوجان يقدّمان الطعام بأيديهما، يوزّعان الابتسامات قبل الأطباق، والرحمة قبل الخبز.

كان العرس بلا موسيقى، بلا ورود، بلا فخامة... لكنّه كان مليئًا بدموع الفرح، وبدفء إنساني لا يُشترى بالمال.
حين نظرت إسرا في عيون الأطفال الذين تناولوا طعامهم بشكرٍ صامت، أدركت أن السعادة الحقيقية لا تأتي من مظاهر البذخ، بل من إسعاد الآخرين.

ذاع صيت هذه القصة في العالم كله، ووصفتها الصحف بأنها "الزفاف الذي أطعم الجياع بدل أن يُشبع المظاهر".
وفي تلك الليلة، لم يكن هناك أضواء ولا رقص… بل كان هناك نور من نوعٍ آخر، يسطع من قلبين أدركا أن الحبّ لا يُقاس بما يُنفق، بل بما يُمنَح.

إنها تذكرة لنا جميعًا: الأفراح ليست لتفاخرٍ عابر، بل لفرحٍ باقٍ… حين تزرع البهجة في قلبٍ آخر.

No comments:

Post a Comment