Saturday, March 20, 2021

الرومان في السودان



من مساؤي انخراط الآثريين والآثاريين في السودان في الملاكمة مع المصريين وعلماء الإيجبتولوجي ، أن تسقط من بحوثهم وجهودهم الشمولية العلمية لاستكشاف جوانب التاريخ الحضاري والبراهين الحضرية للسودان ، ورغم قناعتي بأن لا مصر ولا السودان كانوا آنذاك
فيما قبل السيطرة الرومانية على وادي النيل ، كانت مجتمعات (متحدة أو عدائية ، ولكنها تبادلت معارف وتقنيات بحكم الجوار) على امتداد النهر من هليوبوليس شمالاً وحتى الشلال السادس جنوباً (وهذا الاقليم الجغرافي هو مقر الإيجبتولوجي - لا سوداني ولا مصري) ، وما قد تم توثيقه على جدران المعابد فيما بين الشلال الأول والسادس ، لا تكفي لوضع سرد علمي للمنطقة ذاتها
والحقيقة ليست بعيدة من حالة امتعاض بين علماء الايجبتولوجي بأن متخصصي السودان يتهمونهم (بالمباشرة والغير مباشرة) بأنهم على خطأ تاريخي جغرافي ، وفي هذا تقوقع وانعزال عن المنظومة العالمية ، ففي الممارسة العلمية يعد الاتهام باللاعلمية من أكبر الجرائم وأكثرها حساسية ، وبالطبع يكتفي المصريين من علماء الايجبتولوجي بمشاهدة السجال ، حيث تكفلت المحافل العلمية بالرد بالنيابة عنهم ، وإن كانوا يعيشون الكثير من المغالطات أولوها أن الايجبتولوجي لا يخص مصر أو المصريين بل الفراعنة وجغرافيتهم ، وليس المصريين فراعنة ، وليست مصر حكر على التاريخ الفرعوني

ولا شك أن الرومان قد استكشفوا شرق أفريقيا من قبل الميلاد ، وأطلقوا مسمياتهم على مناطقها ، وأدرجوها في خرائطهم وكذلك في تقارير الدولة وخاصة التجارة الهندية .. تلك التي قد جاءت بأشجار جوز الهند لتنمو في منطقة برنيس شمال حلايب التي استخدمها الرومان ميناءاً .. وهذا لا يتعارض مع مدلولات الثورة المناخية البيئية الغامضة قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد والتي اجتاحت خط عرض 22 شمال ، ولا مع أولى الهجرات العربية الى صحراء العتمور قبل عهد البطالمة ..

تتميز العمارة الرومانية بسمات واضحة ومتميزة ، وتلك قد انتشرت في سائر المناطق التي سيطر عليها الرومان ، من جنوب ألمانيا شمالاً وويلز البريطانية غرباً ووادي الفرات شرقاً ومروراً بسواحل أفريقيا الشمالية ووصولاً الى منطقة النقعة على مقربة من ود بانقا جنوباً .. ولعل معبد أبادماك ومعبد أمون الروماني هي الآثار الرومانية الوحيدة والموثقة فيما بين هليوبوليس ومروي ، وفي اعتقادي أنه كانت توجد منشاءات رومانيات عدة ، ولكن تم لاحقاً هدمها واستخدامها في انشاء المنشاءات الفرعونية والبطلمية والاسلامية

ولعل الغريب في المشهد الجغرافي أن التجمعات السكانية قد انحصرت دوماً بين مجرى النيل وخط طول 32 ، تارة على يمينه وتارة آخرى على يساره .. من نمولي وحتى دمياط .. وفي هذا مبحث آخر له حيثياته ودلالاته واسقاطاته

والقصد هو تأكيد الرؤية في ضرورة التحلي بالعلم ومقاييسه ومناهجه في رسم التكوين الجغرافي التاريخي لأي منطقة بغض النظر عن الاسقاطات السياسية










No comments:

Post a Comment