Monday, November 21, 2022

لماذا جسد المرأة جميل؟


Omar Al Othman

طبيب، كاتب، ورائد أعمال


لماذا جسد المرأة جميل؟
إذا لم يكن لأجل العلاقة، فما فائدة الجمال الجسدي إذاً؟

 

إنه سؤال جيد حقا، من النوع الذي يدفعني إلى تسجيل أولى إجاباتي في موقع كورا

بالرغم من أنني لست من هواة تبسيط الأمور، إلا أنني أجد السر في كلمة "الاستروجين"

طبعا، من حقك أن تسأل، ماذا تعني؟ وكيف ذلك؟

بداية دعني أخبرك بأننا في أفعالنا وتصوراتنا وميولنا للأمور نخضع لإرث تطوري يمتد على مدار آلاف السنين، وفي هذا فنحن كأسلافنا، نريد بطريقة لا واعية أن نحافظ على نسلنا ومن هنا تبدأ الحكاية

هذا الجمال الجسدي الذي نبحث عنه، هو بحث غير مباشر عن الخصوبة في أساسه - بالطبع لا نستطيع إنكار عوامل ثقافية وجغرافية تتداخل لتشكل مفهوم ما هو جميل بالنسبة لمجتمع ما- حيث يبحث عن الشريك امرأة تتمتع بجسد صحي قادر على الحمل والرضاعة

أرجو أن لا تغضب النسويات علي في أولى إجاباتي، وأن لا يتم تأويل إجابتي بأنني لا أرى في جسد المرأة سوى متاعا للحمل والرضاعة، إذ أنني أتكلم هنا عن مواصفات الجسد الصحي فالبدانة تعتبر مرضا وكذلك الهزال، وفي هذا يتساوى الرجل والمرأة ومابين البدانة والهزال طيف واسع يختلف فيه كل في تفضيلاته وميوله

فإذا ما اتفقنا بأن الرجل يبحث في الشريكة عن جسد يراعي العلاقة المثالية بين الوزن والطول- ما يعرف بمؤشر كتلة الجسم-، فعندها نستطيع الانتقال إلى تفاصيل أخرى

كم إعلانا تجاريا شاهدت في حياتك يعد ببشرة مثالية خالية من التجاعيد والعيوب، كم ساعة تقضي الإناث في إخفاء بعض الترهلات أو التجاعيد هنا وهناك، والسر القابع تحت الجلد يتمثل في بروتين يسمى الكولاجين، تعمل أليافه على التجدد وترميم كل ما يتم موته من الخلايا، لكن الكولاجين نفسه رهن بمستوى الاستروجين فعندما ينخفض مع سن الإياس يبدأ مخزون الكولاجين بالنضوب فتنتشر التجاعيد في كل مكان.

ماذا عن الثديين، يعد الثدي سمة جمالية مرغوبة في المرأة، وبالرغم من أن وظيفته تتمثل في تكوين الحليب لإرضاع المواليد، إلا أن حجمه وتطوره يرتبط بمستوى هرمون الاستروجين في الجسم فينمو مع بداية عمل المبيضين-اللذان يفرزان الاستروجين في الدم- ويضمحل مع تناقصه بعد انقطاع الطمث- توقف المبيضين عن العمل-، وبالتالي ففي صلبنا التطوري بات الثدي مرادفا للخصوبة- فالمبيض الفعال ينتج الاستروجين بكميات كبيرة وهو ما يعني بالضرورة نمو ثدي أكبر.

ماذا عن الورك؟
دعوني هنا اتناول الأمر من منظورين اثنين: أولا، الدهون التي تكسي منطقة الورك، ما هو المسؤول عن ذلك؟ أظن أنكم حزرتم الإجابة: أجل الاستروجين، هذا الهرمون الأنثوي يقوم بتوزيع الدهون في الجسم لتتراكم بشكل خاص في الورك والثديين.

ثانيا، الشكل التشريحي لعظم حوض المرأة، وهو ما يعطي أبعادا أوسع مقارنة بعظم حوض الرجل، وهو ما يشكل قناة الولادة، بما يضمن عبورا آمنا للجنين ويمنع الولادة المتعسرة- طبعا قد يكون عظم حوض المرأة شبيها بالرجل في أحيان وضيقا في أحيان أخرى، لكنني أتكلم عن الحالة العامة-

في النهاية حري بي القول أن موضوع جمال جسد المرأة يخضع لخلطة مركبة تتداخل فيها الجينات- الميول الشخصية التي تتفاوت من شخص لآخر- بالهرمونات بالإضافة للعوامل الطبيعية: فقط انظر للشعوب الاسكندنافية وبنية المرأة الضخمة فيها والتي قد تعتبر منفرة في ثقافات بعض الشعوب، أو بعض الشعوب الافريقية والتي تزيد فيها الكتلة العضلية للمرأة مقارنة بمستوى الدهون، او الشعوب الشرق آسيوية التي تتميز بهيكل تشريحي أصغر.

في النهاية قد نتفق أو نختلف على بعض المعايير هنا وهناك، لكننا نتفق على "أن المرأة لغز خالد" وكما يقول دوستويفسكي "إن القاعدة التي ألتزمها في سلوكي هي أن في كل امرأة شيئا خاصا شائقا لا يمكن أن يوجد في امرأة أخرى.. وإنما المهم أن يستطيع المرء اكتشافه.. وذلك فن.. ذلك فن يحتاج إلى موهبة! ما من امرأة يمكن أن تكون في نظري دميمة أو باعثة على الاشمئزاز في يوم من الأيام. حسبها أن تكون امرأة.. هذا وحده نصف الحب"

 


No comments:

Post a Comment