Saturday, November 26, 2022

مفهوم الحب

مدربة علاقات Relationship Coach 

دعينا نغوص في مفهوم الحب أولا، نحلله قليلا لنعرف كيف ينتهي ومتى، وما الفرق بين صادق الحب ومزيفه؟

في كلمتها على منصة تيد بعنوان الدماغ في حالة الحب The brain in love 

قالت عالمة الأنثروبولوجيا والخبيرة في الحب الرومانسي هيلين فيشر

إن الخصائص الأساسية للحب الرومانسي تكمن فى الرغبة الملحة رغبة ملحة لكى تكون مع شخص بعينه ، ليس فقط جنسياً ولكن عاطفياً.

هذا هو الحب الرومانسي، العشق الذي يطيش بالعقول، ولا نعرف إلا بعد حين إذا ما كان نزوة طارت بنا ثم أسقطتنا على رؤوسنا مصدومين، أم هو حب حقيقي يصلح لارتباط ممتد.

مسارات العاطفة
وبحسب هيلين فإن هناك ثلاث مسارات للعاطفة في الدماغ، قد تتشابك وقد تنفصل، وهي:

1- الشهوة: وتتأثر كيميائيًا بهرمونات الذكورة والأنوثة.

2- الحب الرومانسي (الانجذاب): ويتأثر بثلاثة هرمونات النورأدرينالين- والدوبامين (اللاعب الرئيسي)- والسيروتونين (بنسب منخفضة).

3- الارتباط: ويتأثر بهرموني الأوكسيتوسين والمشهور باسم هرمون الحب والحضن، والفازوبريسين.

وبناءً عليه أعود لسؤالك حول انتهاء الحب:

  • أما الدافع الجنسي الصرف فينتهي بالنشوة الجنسية، فهو الأقصر عًمرًا بكل تأكيد.
  • ولكن الحب الرومانسي ذلك العشق الملتهب الذي أجج خيال الشعراء، وأنتج أعظم الفنون، وامتزج فيه الحب والحرب من هيلين طروادة وحتى نكسات العصر الحديث، فإن اندفاع الدوبامين والأدرينالين الذي يجعل الأشخاص يركزون على أحبائهم أغلب الوقت، ولا يرون عيوبهم، ويتصورونهم ككائنات متفردة، فإنه يهدأ مع الوقت، هذا من حسن الحظ، فمناعة الإنسان لا تتحمل هذا التدفق الكيميائي الذي مع لذته العارمة، وربما هو أمتع ما في الوجود، إلا أنه مرهق جدًا، يحمل الأرق وضعف الشهية، وقلة التركيز، والكثير من التعاسة أيضًا مع انخفاض السيروتونين، ويمنع الإنسان من التفكير المتوازن، والتركيز على عمله وبقية جوانب حياته.
 عُمر العشق
 Timeline of a Love Affair

وبحسب عالمة الحب هيلين فيشر فإن الحب الرومانسي يشبه إدمان الكوكايين، ويحفز نفس مناطق الإدمان في الدماغ، وأعراضه الانسحابية تشبه أعراض الانسحاب من المخدرات. ولكنه قصير العمر أيضًا، تشير بعض الدراسات (التي اعتمدت على قياس السيروتونين) إلى أن عُمر العشق يتراوح بين 6 أشهر إلى 18 شهرًا.

ولكن هذا الحب الرومانسي يُمكن أن يطول بسبب المعاناة، إذا لم يلتقي العاشقان وحالت بينهما الظروف فإن العشق يبقى، على ما يبدو لأنه ينجو من انكشاف الغموض، وجفاف الملل والاعتياد.

عبر عن هذا الشاعر الروماني تيرينس عندما قال: 'The less my hope, the hotter my love'- "كلما قل أملي اشتعل حبي".

أو كما غنى فريد الأطرش في رائعة مأمون الشناوي لحن الخلود: "والحب من غير أمل أسمى معاني الغرام".

خذي مثلًا عنترة بن شداد الذي بلغ منه الدوبامين منتهاه، وغلبته سكرة العشق إلى حد أنه لم يشعر بدمائه تسيل لذكره معشوقته عبلة:

وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي

فَوَدَدتُ تَقبيلَ السُيوفِ لأَنَّها - لَمَعَت كَبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسِّمِ

تروي بعض كتب السير أنه بعد زواجه بعبلة بستة أشهر تزوج عليها العديد من النساء، فضلًا عن الكثير من العلاقات الجانبية.

أشك في هذه الروايات، وربما لا أريد تصديقها، ولكن هذا لن يغير في واقع الأمر شيئًا، يهدأ الحب الرومانسي مع الوقت، وينسحق مع التكرار والاعتياد، فتحت شمس الحياة اليومية الحارقة، يتحول تقبيل السيوف إلى "لا تنس أن تحمل معك كيس القمامة".. لا يُمكن للدوبامين أن يصمد أمام كيس القمامة طويلا..

ولكن هذا لا يعني أن الحب وهم، ولا أن الزواج والارتباط مقبرة الحب، وهنا آتي للشق الثاني من سؤالك: كيف نعلم أنها نزوة ورحلت مع الوقت.

إذا تحول العشق إلى مودة، وانطفأ اشتعال الدوبامين ليغمر هرمون الحب "الأوكسيتوسين" الجسم فهذا حب حقيقي، أما إذا ذبلت المشاعر ولم تتحول إلى ارتباط، ولا مودة ممتدة فقد كانت نزوة.

  • النظام الثالث للعاطفة في الدماغ هو الارتباط، أحب أن أسميه المودة.. التقارب الحميم التفاعلي بين الزوجين، يجمعهما ما هو أكثر من فوران المشاعر، ربما يكون العشق لذيذ وجارف، ولكن المودة أعمق وأصدق، كالفرق بين الأمواج الهائجة التي تضرب الشاطيء، متلاحقة وعنيفة وجارفة، ولكنها ليست عميقة هي سطحية رغم اندفاعها، هذا هو العشق، الحب الرومانسي المشتعل الغارق في الافتتان.

أما المودة فهي أعمق من أمواج الشاطيء، هناك في العمق، البحر هاديء ولكنه عميق جدًا.

ختامًا فإن هناك الكثير من العوامل التي تسرع انطفاء دوبامين الحب، وتكشف زيفه، مثل: النضج الشخصي، وصدمة الخيال أي عندما نكتشف أننا أحببنا صورة متوهمة في خيالنا لا علاقة لها بذلك الشخص الذي أسقطنا عليه قصصنا الوردية اللطيفة.

الهوامش

No comments:

Post a Comment