مما لا شك فيه ، أن انهيار مؤسسات الخلافة الاسلامية وتناقلها عبر القبائل والشيع والفرق والعائلات ، لم تترك أثاراً كثيرة في ذاكرة المسلمين ، ويرجع هذا لسببين
أولهما ، صفاء المفهوم العقائدي بأن الحاكمية لله ، وبمعنى أن الله سبحانه وتعالى يولي للحكم من يشاء ، وبالتالي لا يتدخل العامة في القرارات السياسة المتعلقة باستلام أو استلاب السلطة ، وهكذا الناس على دين ملوكهم ، ما لم يأمروا بوقف الصلاة ، وهو ما لم يحدث اطلاقاً في التاريخ الاسلامي
وثانيهما ، أن الفرق السياسية ومواليهم قد أدركوا الخيط الرفيع بين الشورى والمشاركة ، فلم يعرف المسلمون الديمقراطية الحديثة برغم وجود منابر الشورى ومجالسها ، والتي لا يزال معمول بها في غالب الأمة الاسلامية تحت مسميات متعددة ومختلفة ، بين مجالس القري في أندونيسيا ومجالس الشورى في الجزيرة العربية
هكذا لا يعرف المسلمين المشاركة السياسية ، وهم عندما يحاولون تطبيقها تنشأ حمامات الدم على نحو عشوائي تتداخل فيه تراكمات المعاناة الحياتية ذات المفردات التاريخية الاقطاعية ، والتململ من قيود التسابق الاجتماعي السياسي ، فمن ليسوا من الحسب لا يجدون حسباً ولا نسباً ولا مكاناً بين العالمين ، إلا بأثمان باهظة
غير ان التدقيق في الخريطة أعلاه ، سوف لا يغفل عن الترابط بين مواطن الاضطراب السياسيى الحديث وبين أقاليم الخلافة العثمانية ، بل الأمر يقود الى تصنيف مواطن النفور المتزايد بين المسلمين وغيرهم بما فيهم البربر الذين يتراوحوا بين الاسلام واليهودية وبقايا المعتقدات النيوميدية
هكذا قد بنى أردوجان اطاره السياسيي على استغلال مكامن الصدمة التاريخية في انهيار الخلافة العثمانية ، وتشرد المسلمين بلا خليفة ، وبين تقديم نفسه كمرشح لإحياء الخلافة الاسلامية ، ولعل مشروعه كان قابلاً للنجاح لولا تجاوزه للمحاذير في العلاقات التركية العربية ، والعربية العربية كذلك ، فضلاً عن إثارة حفيظة كلاً من الثأر الأوربي المكنون تجاه العثمانيين ، والمصالح الغربية في القلب الجيوبولوتيكي للعالم
ولعل ما يتثير العجب والاستغراب أن مسلمو اليوم من العرب والمتحدثين بالعربية ، قد باتوا على قدر شديد من البله والإعاقة الذهنية ، لكيلا يستطيعوا الفرز بين تطلعاتهم المشروعة في القيم الديمقراطية الحديثة ، وبين مشاركة مشروع سياسي مع فصائل الاسلام السياسي بكل ما تحويه من تشدد وكراهية واستغلال
هكذا صار معارضي النظام في سوريا يتضامنون مع الفصائل الاسلامية المتشددة من أجل اسقاط الأسد ، على الرغم من أن هؤلاء المتأسلمون ليسوا أصحاب عهد ، فمن ليس منهم لا عهد له
وهكذا ضاع العوام وأنصاف المتعلمين من الأعراب في إدراك الحقيقة من الخداع
وبين كراهية السواد في أعلامهم ، وحب الشهادة المطبوعة داخلها ، تكمن المهزلة التاريخية
هكذا بات الأمر كوميديا عربية خالصة
No comments:
Post a Comment