Sunday, August 23, 2020

سودانية ‏الزار ‏في ‏مصر


الجن والعفاريت ،في الأدب الشعبي المصري 

كانت حفلات الزار الصاخبة والحديث عن الزوار واسع ومنتشرة في القاهرة وضواحيها  حتى قيل:
إن أهم زار كان يقام في حلوان ويستمر حتى صباح اليوم التالي.. وقد سمعت عما يحدث فيه من صخب، ومجون، وشراب.. إلى غير ذلك مما يمكن تصوره. 

ويبدو أنه كان يشبه حفلة تعارف بين أبناء وبنات الطبقة الأرستقراطية في ذلك العهد.. فقد كان يقام في قصر إحدى السيدات من بنات هذه الطبقة، وكان الاشتراك فيه له شروطه، وتتضمن تقديم المأكولات والمشروبات والحلوى والفاكهة والهدايا أيضاً، وكل حسب حالته وطاقته.
وكان من العُرف السائد حينذاك: الاشتراك في أي من حفلات هذه الطبقة بمثل هذه الشروط أو ما يشبهها، فقد كانت إحدى بنات الباشوات وهي سيدة مجتمع كما يقولون تقيم حفلاتهم بالموسيقى والغناء، وكان كل مشترك أو مشتركة يدفع جنيهاً ثمن فنجان القهوة، أو زجاجة المياه الغازية حتى يستطيع سماع ما يغنى أو يعزف في
تلك الليلة. 

ولكن حفلات الزار الأرستقراطية كانت أغلى من ذلك كثيراً بسبب نفقاتها الباهظة.. فكانت الكودية وهي شيخة الزار كانت تطلب طلبات شاذة غريبة مثل إحضار ديك أبيض في رأسه نقطة سوداء، أو خروف أسود على ظهره دائرة بيضاء، وما أشبه ذلك من طلبات يتطوع أصدقاء صاحبة الزار بإحضارها بإرشاد الكودية التي كانت تعرف أماكنها على وجه التحقيق. ولكنها تتظاهر بأنها تبحث عن الديك أو الخروف في أماكن متعددة في القاهرة أو خارجها، وقد تجد الديك المطلوب بعد طول بحث وهمي في (قليوب أو بنها) .. وقد يوجد 
الخروف في (أوسيم) وعندما يتم الاستعداد للحفلة، وتحضر كل الطلبات.

يحدد الميعادالرسمي، وغالباً يكون يوم الخميس لأن يوم الجمعة إجازة، والمفروض أن يمتد الزار حتى الصباح. وقد كان المجتمع المتنور ثائراً على مثل هذه الأفعال التي تبدد فيها الأموال من غير طائل..
وكتب كثيرون عن مضار الزار في الصحف والمجلات، ولكن ذلك لم يمنع قيام هذه الحفلات التي كان يستباح فيها كل شيء إذا أقامتها هوانم الأرستقراط. والزار له موسيقى خاصة.. ويقال إنها تطورت وأصبحت موسيقى (الجاز) في أمريكا.. وهذه الأنغام الموسيقية فيها اختلاف بين الزار المصري والزار السوداني، وكلها مشتركة في الأساس والنغمات رغم اختلاف اللهجة.

ولكن الزار السوداني أشد صخباً وضجيجاً.. وترتفع فيه أنغام الطبول والدفوف أكثر من الزار المصري، وقد تكون (الكودية) شخصية واحدة هي في الغالب سودانية، فقد اشتهرت سودانيات كثيرات بهذه الأعمال. وكانت أشهرهن الحاجة زينب السودانية في حي القلعة بالقاهرة، حيث عرفت بإتقانها للزار والشبشبة، وأشياء أخرى كثيرة وغريبة من هذا النوع المرتبط بالجن والعفاريت
~~~~~~~~~
تحياتى للجميع
وصفحة من كتاب
( سيد صديق عبد الفتاح)
أغرب الأعيادوأعجب الاحتفالات) 
(دار الأمين، 1994)
(ط1. ص 428-

No comments:

Post a Comment