لست من مشجعي كرة القدم ولست ممن يستمتعون
بمتابعتها ، بالتأكيد ذات يوم كنت مثل الكثيرين ألتهب حماسة وفورة تجاه المباريات
والأندية والكؤوس ، ولكن لا شئ يدوم
وبالطبع شتان بين الرياضة عامة والكورة خاصة
في أيام شباب جيلي ، في الستينات والسبعينات ، وبين ما يحدث الآن .. ذات يوم مثلما
قيل كان يتم تشجيع اللعبة الحلوة ، ويحضرني في هذا مشجعي أحد الأندية الانجليزية
في العام الماضي ، حين بادروا بالهتاف وتشجيع الفريق المنافس عندما أخفق فريقهم في
تقديم اللعبة الحلوة ، كما أحب تسميتها .. وكذا في سائر منافسات الرياضة ، يسافر
الناس للألمبياد ، ليس لمجرد تشجيع فريق ما ، ولكن للاستمتاع بانجازات البشر
وتحديهم لقوانين السرعة والجاذبية والقدرة .. ولعل انجذاب الكثيرين لمباريات ألعاب
القوى يترجم الوحدة الانسانية في تقدير الانجاز وليس مجرد المنافسة والفوز
تحضرني هذه الأفكار بينما اتفحص بعض
التعليقات حول مبارة الكاميرون ومصر على لقب كورة القدم الأفريقية ، وبالطبع لم
أشاهدها ولم أعلم نتيجتها سوى أن الكاميرون قد فاز باللقب ، بينما كال بعض
المصريين السباب على الأفارقة عامة ، والسود خاصة .. وانبرى كثير من السودانيين بالحبور
لفوز الكاميرون ، ورد الكيل للمصريين بالشماته
ولما كنت أهتم أولاً بالشأن السوداني ،
وثانياً بالمصري ، وثالثاً بناطق العربية ، ورابعاً بالمسلم ، وأخيراً بالانسانية
جمعاء ، فإنني لا أملك سوى ترديد الدعاء بأن تنجلي الغمة عن البصر والبصيرة ، لكي
ندرك أن الحمق الذي يتضخم ويفيض على شعوبنا ليس سوى إدانة لأصحاب العقول والأقلام
ممن يسمحوا لمشاعر اللاحب والكراهية أن تسود مسرح القلوب والأفهام
ساسة السلطة وسدنتها من الاعلاميين يجدون في
إزكاء المشاعر القومية فرصة لتطوير السلطة واستدامتها وحصد المنافع من ورائها ،
ومع سطوة أجهزة الاعلام وأدواتها ، يسقط الناس ضحايا للتغرير والتضليل ، ويلحق بهم
غالب مدعي الثقافة والفهم والريادة ، ويتحول الجمع الغفير إلى قطعان لا تستطيع حتى
المواء بغير اشارات موحية من قبل السلطات الحاكمة أو أذيالها من أصحاب القلم
والصوت والصورة ، ولعل دونالد ترامب قد صدق في طرح قضايا التضليل الإعلامي برغم
معارضة المؤسسة الاعلامية الاميريكية
قد تفوز الكاميرون أو مصر أو غيرها ، ولكننا
حتماً نخسر مباراة الانسانية والفهم والتضامن
قد لا يكون غريباً أن تثار في مصر مسألة
الأبيض والأسود ، قد لا يكون غريباً أن ينبري السودان لما لا ناقة له فيه ولا جمل
، قد لا يكون عجباً أن نقبع في ذيل الانسانية ، ولكن الغريب هوس المواقف واستمتاع
غالبيتنا بهذا الحضيض
No comments:
Post a Comment