ما حدث في سائر البلدان العربية ، عدا الامارات والكويت وقطر وعمان ، هو حالة من ا الاحتقان الاجتماعي السياسي الذي تراكم وتزايد على مدار ثلاثة عقود ، وفي تناغم مع تدهور منظومات الاقتصاد الجزئي ، فضلاً عن التدهور المعلن أو الخفي للخدمة المدنية ، مما أدى الى خروج الناس للشارع ، لأن العيش أصبح لا يطاق
وللأسف فان ذاكرة الشعوب قصيرة ، فان غالب الذين استباحوا عرض الشعوب أصبحوا منقذوها .. لقد تحولوا بين ليلة وضحاها الى سياسيين ذوي مهارة .. هذا عدا الأنظمة ذات الخبرة في التعامل مع الجماهير .. صار بمقدورهؤلاء غزل الكلمات التي تؤثر على اختيارات الناس وعواطفهم .. وبين استقلال القرار الافتراضي وتبعيته الفعلية ، فانه لا توجد ديمقراطية حقيقية يمكن أن تكون مرجعية أو أمل في مستقبل كريم
اليوم ، تحول الناس لإلقاء اللائمة على النظام العالمي بمفرداته ومكوناته ، بأن المؤامرة العالمية للسيطرة وتدمير العالم هي من أفرغت الربيع العربي من احتمالاته وفرص انتقال العرب من حالة القهر والقسر والفوضى الى حالة الازدهار والتفوق والتقدم على مثيلاتهم من الدول ، وللأسف ، فان الكثيرين يصدقون هذا التفسير الركيك
أتذكر قبل نيف وأربعين سنة ، في مصر ، أن أشار إليَ أحد قيادي الحركة العمالية ، بأن قوانين يوليو الاشتراكية قد ملئت جيوب العمال بالمال ، بالحد الأدني للأجور ، مع مجانية التعليم واقتصادية السكن وخفض تعريفة المواصلات والكهرباء وتعاونيات الملابس وتموين البيوت ، مما آدى إلى أن يقضي العمال ليلهم في تدخين المخدرات في نواديهم أو في السهر الكثير أمام التليفزيون ، ومن ثم في اليوم التالي ، يكون انتاجهم محفوف بالاخطاء وعدم مطابقة المواصفات ، ومن ثمَ فان المنتجات التي كان من المفترض أن يتم تصديرها مقابل العملات الاجنبية ، أصبحت راكدة وتباع محلياً ، مما أفرغ الخزينة العامة وعطل كافة مشاريع التنمية ، فمن المسئول
يمكن كذلك ترجمة الربيع العربي وفق هذا المثال
الإرادة والوعي ، معاً يمكن أي شئ ، وبدونهما يصير الأقوياء عبيداً وأضعف من البعوضة ، وهذا ما لا يستطيعه غالب العرب والعالم الثالث
أمريكا لم تستطيع ان تصمد أمام إرادة ايران وطالبان وأردوغان وباكستان وجنرالات مانيمار وأثيوبيا ،بينما الهند وروسيا يتحدون اقطاب صناعة الأدوية الامريكان
بريطانيا بالوعي رفضت بيع هيئة الصحة لأمريكا ، وهواووي بالتكنولوجيا تتحدى أمريكا ، وروسيا برغم تعسر الاقتصاد تتحدى أمريكا كل يوم ، وأوربا صارت بالوعي والإرادة والوحدة شيطان أمريكا الجديد الذي تعمل له ألف حساب
أمريكا ليست ذلك الانسان البسيط المجب للحياة ، ولكن ترمز الى تجمع رؤوس الأموال التي تنهب العالم ، وتشيع بيننا القصص المرعبة حول نهاية العالم وسلطاته السفلية وكنهوت البنائيين والمتنورين
الأمثلة كثيرة لكن لاننا لا نعرف حقيقة ما يدور ، لذلك نختار جانب الضعف وقلة الحيلة ، وللأسف الاعلام لدينا صار عميلاً ، يبث فينا بكل الاشكال الضعف والخوف والاوهام
وبالطبع ان نكون على ارادة ووعي فهي مسئوليتنا ولن يقدمها لنا أي حد اخر
وكما صار الكل يتحدث بطلاقة عن مناعة القطيع ، أتمنى ان يتحدثوا عن إرادة القطيع ووعي القطيع ، وكلاهما لا تتطلب ٧٠٪ مثل الكرونا ، بل مجرد ٢٠٪ يكفي لتغيير الموازين لصالحنا
بالفعل لدينا الكثيرين ممن يعملون بجد ونشاط وحرفية ، ولكن التغيير يتطلب قيادة وريادة لأن هذا هو حال الدنيا ، وبدون قيادة وريادة فكل الأماني والنظريات والأديان تسقط لا محالة ، فقد ولد الانسان لكي يسترشد بمن هو أكثر علماً وفهماً واستنارة
فهل لما من قيادة تأخذ بآيدينا
No comments:
Post a Comment