Sunday, May 8, 2022

جزاء من يكثر فضوله ، ويتكلم فيما لا يعنيه

 

على الرغم من أن مقولتي سوف تثير حفيظة الكثيرين ، فإن الفترة المملوكية هي من أسواء ما قد عرفته مصر من أنواع الحكم والتسلط السياسى والاجتماعي ، حيث خلال 300 سنة ، حكم البلاد 301 سلطان ، وحيث قد تعامل هؤلاء القساة مع الشعب باعتبارهم أجراء لا يملكون قولاً في حياتهم ، وترتب على هذا النفور الطبقي والشرذمة الاجتماعية بين فئات المجتمع ، والتي قد تم تصديرها للكثير من البلدان المجاورة ، ولا تزال مصر تعاني من تفاصيلها حتى اليوم .. ولذا يجب أن يتم وضع هذا الفترة في حجمها المعرّفي الحقيقي ، حيث ما قد أشتهر عنها من إزدهار عمران وتجارة لم يكن مغييراً أو إضافة لجموع الشعب ، بل لم تؤدي لتطوير المعرفة الجمعية والهوية الثقافية ، بينما صنعت فئات محددة  ، صاغت ، ولاتزال ، حدوداً بينها وبين أحفاد الفلاحين والصعايدة والنوبيون والأمازيغ وبدو سيناء وصحراء الشرق ، هؤلاء البسطاء والكادحين من أهل مصر الأصليين

 ومع كم الفوضي المعرّفية الحالية ، لعل الأمر يتطلب ميثاقاً اجتماعياً جديداً


عمرو حمدي

في عهد دولة_المماليك لم يكن يسمح للعامة من الناس التدخل فيما يحدث بين المماليك وبعضهم من حروب طاحنة
ولا حتي أن يعترضوا علي ظلم الولاة الواضح ، فيذكر ابن اياس أنه حدث في زمن الاشرف شعبان أن والي القاهرة رجل يسمي علاء الدين بن كلفت وقد تزايد ظلمه ، فتبعته العوام بالرجم والضرب حتي هرب منهم وصعد الي القلعة ، فتجمعت العوام تحت القلعة يريدون والي القاهرة حتي ينزلوا به عقوبتهم
وبعد انتظار ومفاوضات كثيرة مع السلطان ورفض للمغادرة من جانب العوام ، نزل الامير أُلجاي اليوسفي ومعه طائفة من المماليك وأخذوا يقتلون الناس حتي ينقل ابن اياس ان التركي من المماليك كان يدخل دكان المصري يقتله وينصرف من دون ان يتعقبه احد ، وحدثت مقتلة مهولة في العوام في ذلك اليوم وصلت كما ينقل ابن اياس الي قتل ١٧ عشر الف من العوام
وبغض النظر عن صحة العدد من عدمه فنقل الخبر يوضح عاقبة التدخل في شأن الأمراء والذي لم يكن مسموح به علي الاطلاق
وفي موضع اخر يذكر ابن اياس في كتابه أنه في زمن سلطنة المنصور علي بن الاشرف شعبان بعد الفتنة الرهيبة التي حدثت بين الامير قُرطاي الطازي والأمير أينبك البدري علي منصب الأتابكية ، انه أشاعت العامة بوقوع فتنة عظيمة بين الأمراء فصدر الأمر الفوري من البلاط السلطاني بتوسيط جماعة من العامة
فأخرج مجموعة من سجن خزانة شمائل ( مسجد المؤيد شيخ عند باب زويلة حالياً ) وسمَّرهم وطاف بهم في القاهرة ثم وسّطهم في ميدان الرميلة ( تحت القلعة الميدان أمام مسجدي السلطان حسن والرفاعي حالياً )
حتي يذكر أنه أثناء الطواف بهم نودي :
( هذا جزاء من يكثر فضوله ، ويتكلم فيما لا يعنيه )
كنوع من أنواع التخويف للعوام حتي لا يتكلموا في أمر أمراء المماليك.
ويتكرر الامر علي مدار عهود سلاطين المماليك المختلفة
حتي في نهاية عهد المماليك وحيث كان الجلبان من المماليك يعثون في الأرض فساداً و ينهبون الأسواق و يعتدون علي المارة و الآمنين في منازلهم
مما جعل العامة يقومون بعدة إعتداءات علي المماليك مما دفع السلاطين إلي إصدار قانون أن كل من يعتدي علي مملوك سوف تُقطَع يده !!
بل إنه في كثير من الأحيان ما وجدوا مماليك مقتولين في الشوارع و لا يُعْلَم من اللذين قتلوهم حتي وصل الامر بسلاطين العهد الاخير أن يصدروا اوامرهم أنه من يتم ضبطه يعتدي علي مملوك يشنق من غير معاودة !
وهكذا لم يكن من حق العوام التكلم في أمر الأمراء نهائياً ومن يفعل اما تقطع يده او يقتل.
( هذا جزاء من يكثر فضوله ، ويتكلم فيما لا يعنيه ) !

No comments:

Post a Comment