في حقيقة الإنسان الخليفة الملكية و الملكوتية و الجبروتية
يقول عاصم ابراهيم الكيالي
إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعتبر محور الكون وسبب وجوده ، فهو الذي يعمره ويكوّن حضاراته وذلك لما يحمله من مقومات الاستمرار الحسية والمعنوية ، فهو الوحيد الذي حمل أمانة استخلاف اللّه تعالى له في الأرض ، فهو النموذج الخلقي الذي تظهر به ومن خلاله الكمالات الأسمائية الإلهية كالرب والملك والرزاق والرحمن والغفّار والستّار والرؤوف والمحيي والمميت والخافض والرافع والمعز والمذل ، فالإنسان هو المرآة الجامعة للعوالم الوجودية ؛ الحقية والخلقية ، الملكية والملكوتية
يقول الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري في حكمه موضحا هذه الفكرة
جعلك في العالم المتوسط بين ملكه وملكوته ، ليعلمك جلالة قدرتك بين مخلوقاته ، وأنك جوهرة تنطوي عليك أصداف مكوناته
إن الإنسان يقابل عالم الشهادة بجسمه الطيني ، ويقابل عالم الملكوت بقلبه النوراني ، ويقابل عالم الجبروت بروحه الأمري. لذلك كان الإنسان جامعا للحقائق الوجودية كلها المادية والمعنوية
وفي ذلك يروى عن الإمام علي رضي اللّه عنه وكرّم وجهه قوله: أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
وفي الحديث الشريف: إن اللّه خلق آدم على صورته ، وفي رواية: على صورة الرحمن
إن جمعية الإنسان للحقائق الخلقية الكونية ، وللحقائق الروحية الملكوتية ، وللحقائق الحقية الأمرية الجبروتية ، هي التي رفعت قدره بين المخلوقات ، وأهّلته ليكون خليفة اللّه في أرضه و حاملا لأمانته
قال اللّه تعالى: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة: 30]
وقال تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [الأحزاب: 72]
و في الحديث الشريف: من عرف نفسه فقد عرف ربه
ولأن العوالم الوجودية ثلاثة: الملك والملكوت والجبروت ، ولأن الإنسان كون جامع هذه العوالم بحقائقه الحسية والمعنوية ، جاء الدين الإسلامي كاملا ومتضمنا للإسلام و الإيمان والإحسان
فالإسلام في مقابل جسم الإنسان الملكي الشهادي ، والإيمان في مقابل قلبه الملكوتي الغيبي ، والإحسان في مقابل روحه الأمري الجبروتي
No comments:
Post a Comment