يحكي التاريخ الأفريقي بأنه في حين أن الاستعمار الفرنسي قد تميز بالعمل على "فرنسية" ثقافة المستعمرات وأبناؤها ، فإن الاستعمار الانجليز عمد دوماً لتكريس الانبهار بالحضارة والتحضر الانجليزي ، وهذا خلافاً للسيطرة العربية التي سعت لتأكيد التفوق المعنوي – وليس المادي - العربي بالاسلام وبالعروبة
هكذا فان السياسات الفرانكوفونية تسعى دوماً لتثبيت وجودها ، وما يترتب عنه من امدادات الخامات الأساسية والمعدنية اللازمة للصناعة الفرنسية التي تناضل لاستدامة وجودها بين الترويكا الاقتصادية الاوربية: الألمانية والانجليزية والايطالية ، هذا فضلا بالحفاظ على سوق يضم نحو 200 مليون انسان
أما السياسات الانجليزية فلقد أنجبت القطب العالمي الأنجلوساكسوني الذي يسعي للاستحواذ على الشواطئ الجنوبية ، وبما تحويه من مخزونات نفطية وغازية وخامات ، فضلاً عن سوق شبابية تضم أكثر من 400 مليون انسان – بالاضافة للكنوز التي لم تعلن أو تدخل في عجلة الاقتصاد العالمي
أما السياسات الجنوب أفريقية ، الأفريكانية ، فهي تعمل على الاستحواذ البطئ للمحيط شمالها ، ولكي يشكل مع الزمن مصدر للخامات والأسواق في إطار من التجانس الأثني والقبلي ، وهي في هذا تتعاون مع التحالف الأنجلوساكسوني في رسم السياسات الاستراتيجية الافريقية
وتتبقى دول الشمال العربية ، التي تحتفظ بأشكاليات وتناقضات تاريخية وثقافية وأثنية مع دول جنوب الساحل ، ولكنه تضطر للتعاون مع دول الساحل لتأمين الأنظمة السياسية القائمة ضد الفرق المناؤة وعلى رأسها الجماعات الدينية التي تسعى لأسلمة الساحل من غربه والى شرقه
هكذا يمكن رسم الخارطة الجغرافية السياسية وذلك لفهم الخلفيات والمتغيرات والأحداث ، فضلا عن إمكانية التنبؤ بالقادم من الأحداث والصراعات
القاسم الأكبر هو الصراعات التي تنشأ على امتداد إحداثيات التماس بين الفرانكوفونية والأنجلوساكسونية ، وذلك يرجع للأسباب التالية:
- التناقض بين الثقافتين الفرنسية والانجليزية والتي تأصلت وتعمقت مع التوسع في التعليم والصناعة والتبادل ، وما يمثله من التأثير على الاقتصاديات والعلاقات الدولية بين كلا المعسكرين ، برغم الانتساب للثقافة الغربية على نحو عام ، لكنها لا تقضي على التنافس الحضري والاقتصادي وبالتالي الاسقاط السياسي
- إحداثيات التماس الفرنسي والانجلوساكسوني قد تم استغلالها من قبل الجماعات الاسلامية لملء الفجوات في النظم السياسية والادارية الحاكمة لتلك الاقاليم التي تم لنفس الظروف إهمالها وتردي مؤشرات التنمية فيها الى الحد الذي صارت معه أقل بلدان العالم نمواً وأكثرها تخلفاً
- تعمل دولة جنوب أفريقيا الى تهدئة والسيطرة على محيطها الاقليمي ، والقضاء على أية تناقضات عنيفة ممكن نشوبها برغم انتشار الفساد الاداري والسياسي في هذه الدول ، ولكن الثقل الذي تمارسه جنوب أفريقيا مع التحالف الانجلوساكسوني قد أدى الى وجود مرجعية سياسية في هذا الأقليم
ويمكن القول بأن أفريقيا سوف تشهد الكثير من الأحداث ، مع توقع اشتعال الغضب نتيجة التلكؤ والاهمال في مواجهة وباء الكوفيد ، ولكن سيكون الانفعال على أشده في مناطق التماس الفرنسي الانجلوساكسوني ، مع جديده في إحداثيات التماس مع الافريكانية والمفعمة بالثروات والتناقضات والفساد والتماسيح
وعدا هذا لاشئ ذا أهمية استراتيجية
No comments:
Post a Comment