Sunday, August 22, 2021

" اللعان" على المنشآت ومخالفة شرط الواقف

 


دراسة مختصرة لموضوع هام ، بقلم الأستاذ الفاضل: أبو العلا خليل

كانت الأوقاف صورة حضارية للحال في العصور الوسطي ومثال رائع للتراحم حتي علي الحيوانات ومنها ماعرف ً بغيط القطة ً أنشأه السلطان الظاهر بيبرس لأيواء وإطعام القطط الشاردة
ومنها مساقي الكلاب الضالة وكانت أمام شبابيك التسبيل ولازالت إحداها قائمة وهي مجراة أمام شباك السبيل بقبة الغوري بالغورية
ومن الأوقاف ًالغلايات النحاس ً التي أوقفها أصحابها وأشترطوا فيما سجلوا عليها ً تملاء في الشتاء لمن يحتاج الي الوضوء أو الأغتسال فيها
ومن الأوقاف ًوقف الديكة ً بأعلي المساجد لتعلن بصياحها عن بدء صلاة الفجر
ومن الأوقاف ًوقف الطرحاء ً وهو التكفل بمن يموت علي قارعة الطريق وكانت أهميتها تظهر أيام الأوبئة والطواعين
ومن الأوقاف وقف الزبادي ً وهو مكان يستبدل فيه الخدم ماكسر من أواني بأخري جديدة جبرا لخاطرهم

 وكانت شقافات أي كسر الزلع والجرار هي أكثر مايتواجد في رديم التلال الأثرية ومنها مانجده عند رديم تلال البرقية بالدراسة وكانت تلقي أكوام منها علي التلال وهي من شقافات وقف الزبادي وكذا مايكسره المحتسب من جرار وزلع شرب المنكرات. وقد تباهي المقريزي في خططه بكمية مايلقي منها علي التلال

نعم لها بأذن الله موضوع مفصل أخي الحبيب د. محمد ومن الأوقاف علي المساجد كراسي المصاحف ويحتفظ متحف الفن الإسلامي لوح خشب من كرسي مصحف بالجامع الأزهر مؤرخ بعام ثماني مائة ثمانية وخمسون ونص كاتبته ( أوقف هذا المصحف المبارك الجناب العالي صرود السيفي جرباش وأوقف له قيراطا بمنية البكري علي يد الجناب البدري لؤلؤ مقدم المماليك)





"اللعان" على المنشآت ومخالفة شرط الواقف.

"الوقف" هو صدقة جارية ، مصداقا لحديثه صلى الله عليه وسلم: (إذا مات أبن أدم أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له). والوقف على هذا النحو "حبس العين والتصدق بمنفعته" وهو تجارة رابحة بين العبد وربه ، لايحل فيه تعديل أو تغيير ، ولايحل فيه بيع ولاشراء.

ومن ثم كان حرص الواقف على أن يسجل على واجهة مبانيه صفة المنشآة وأوقافها ثم يختم باللعان والوعيد لمن خالف وأخلف بنذير غضب الله وسخطه.

وبشارع سكة المحجر وعلى أسفل قاعدة قبة رجب الشيرازى " أثر رقم 476" (781هـ / 1379م) سجل الأمير برقوق بن آنص – والذى سيلى بعدها سلطنة البلاد – نصا يفيد عمارته لزاوية الشيخ رجب المذكور وختمه بالوعيد لمن يخالف ماأشترطه بالزاوية:
أمر بأنشاء هذه الزاوية المباركة من فضل الله وحسن توفيقه سيدنا المقر الأشرفى السيفى برقوق أعز أنصاره ، وضاعف إقتداره بجاه محمد وآله برسم خادم الفقراء والمساكين الشيخ حاجى رجب الشيرازى الحيدرى وجعلها وقفا لايبدل ولايغير فاءنما إثمه على الذين يبدلونه سنة إحدى وثمانين وسبعماية.
وعلى لوحة رخامية بأعلى مدخل مدرسة الأمير زين الدين مقبل بن عبدالله الرومى الزمام بحارة شرف الدين بالحمزازى " أثر رقم 177 " ( 797هـ / 1394م ) سجل الأمير مقبل " شهادة براءة ذمة " ولعان مغلظ من الله سبحانه "وبالثلاثة " على كل من تجرأ على مخالفة شروطه التىى حددها بمدرسته الزمامية ، وفى أخر اللوحة:
ويلزم كل أحد العمل بذلك ، وملعون ثم ملعون ثم ملعون من غير ذلك أو نقضه أو أبطله بطريق من الطرق ، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم

وفى عام 749هـ / 1348م أنشأت الست فرحة مسجدا لها بحارة اليانسية ناصية درب الأوجاقى ، وسجلت على نص تأسيسى من الحجر الجيرى أوقافها على المسجد وختمت باللعان والوعيد على المعتدى والمخالف:
(بسم الله الرحمن الرحيم أمرت بأنشاء هذا المسجد المبارك الست فرحة وأوقفت له ملك فى الصالحية وملك فى اليانسية فى حارة السودان ، وعلق فوق المسجد لمن يقرأ ويدرس ولماء السبيل ، ملعون ابن ملعون من يغيره.
توفت فى شوال سنة تسع وأربعين وسبعماية) .
ويعرف مسجد الست فرحة الآن بمسجد الشيخ الحصرى لأقامة هذا الشيخ به إلى أن أدركته منيته عام 1282هـ/1865م.

وفى عام 714هـ / 1314م أنشأ السلطان الناصر محمد بن قلاوون مصلى بفناء زاوية الشيخ تقى الدين العجمى بدرب اللبانة "أثر رقم 326" وسجل عليها:
(أمر بأنشاء هذا المصلى المبارك مولانا السلطان الملك الناصر ناصر الدنيا والدين بن مولانا السلطان الشهيد الملك المنصور سيف الدين قلاوون إبتغاء لوجه الله أعان الله من أعان على دوامه واستمراره ، ولعن الله من سعى فى قطعه وأبطاله وكان ذلك فى سنة أربعة عشر وسبعماية).

وفى سنة 355هـ أنشأ الوزير ابوالفضل جعفر بن الفرات المعروف بأبن حنزابة من وزراء الدولة الأخشيدية بئراً جهة جامع أحمد بن طولون لينقل منها الماء ألى السبع سقايات – أى أحواض – التى أنشأها بخط الحمراء القصوى السيدة زينب الآن ، ووضع أبن حنزابة نصا لوقفية هذا البئر ، وتعد بحالها أقدم حجة وقف فى مصر علمنا تمام نصها . ورغم ضياع هذا النص او تلك الوقفية إلا أن لحسن الحظ ذكرها المقريزى فى خططه:
(بسم الله الرحمن الرحيم ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، وله الشكر وله الحمد ، ومنه المن على عبده جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات وماوفقه له من البناء لهذه البئر وجريانها إلى السبع سقايات التى أنشأها وحبسها لجميع المسلمين ، وحبسه وسبله وقفا مؤبدا لايحل تغييره ولاالعدول بشئ من مائه ، ولاينقل ولايبطل ، ولايساق إلا الى حيث مجراه إلى السبع سقايات المسبلة . فمن بدله بعد ماسمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ن وذلك فى سنة خمس وخمسين وثلاثماية وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلم).

يذكر على مبارك فى الخطط التوفيقية: وعلى الحائط الغربى لباب النصر ثلاثة أسطر صورتها: (مارسم به مالك السلطنة المعظم ، المعز العالى السيفى سودون ، من عرافة الحمال ، يأخذ عن كل حمل سبعة ، ملعون من يأخذ أكثر من ذلك ، أو يجدد مظلمة فى أيام الدولة).
وسودون هذا هو الأمير سيف الدين سودون بن عبدالله الشيخونى الفخرى نائب السلطنة على عهد السلطان الظاهر برقوق والمتوفى عام 798هـ / 1396م ، والذى أصدر مرسومه إلى عرافة الحمال وهم المنوط بهم تحصيل الضرائب على كل حمل بسوق الدريس أمام باب النصر ، وحدد فيه سودون قيمة كل حمل ولعن من زاد عليه.

وبطول الطرف القبلى لخانقاه السلطان الأشرف برسباى بالقرافة الشرقية ، شريط كتابى من الرخام فى سطرين يتكون من سبع وقفيات تمثل بيان ماأوقفه السلطان الأشرف برسباى على منشأته وبيان وجوه صرفها . ويفسر المرحوم حسن عبدالوهاب فى تاريخ المساجد الأثرية العلة فى ذلك (وقد أبان السلطان برسباى لنا الحكمة فى كتابة وقفيته نقشا على منشآته لمنع عبث العابثين بها ، فلم يجد غير هذا ، ولاحول ولاقوة إلا بالله).


وقد نقش الواقفون هذا اللعان علي الحجر وهو ترديد لما هو موجود بكتب الوقف حماية للأوقاف من الاستيلاء عليها ، وذلك لأن كتب الوقف الورق تتعرض للتلف والتآكل وغير ذلك ، بل أن السلطان برسباي فقد سجل حجة وقفه علي الحجر في مدرسته لأنه هو نفسه حسبما ذكر ابن حجر العسقلاني الذي كان شاهدا علي وقفية زوجته بعد أن ماتت مزق برسباي كتب وقفها ىاستولي علي أوقافها


No comments:

Post a Comment