Friday, August 20, 2021

وصية ‏أمامة ‏بنت ‏الحارث




قالت أم لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها
أي بنيّــة .. إنك قد فارقت بيتك .. الذي منه خرجت .. ووكرك الذي فيه نشأت .. إلى وكر لم تألفيه .. وقرين لم تعرفيه .. فكوني له أمة .. يكن لك عبدا .. واحفظي له عشر خصال .. يكن لك ذخرا

أما الأولى والثانية .. فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة

أما الثالثة والرابعة .. فالتعهد لموقع عينيه .. والتفقد لموضع أنفه .. فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشمن منك إلا أطيب ريح والكحل أحسن الحسن الموصوف والماء والصابون أطيب الطيب المعروف

وأما الخامسة والسادسة .. فالتفقد لوقت طعامه .. والهدوء عند منامه .. فإن حرارة الجوع ملهبة .. وتنغيص النوم مكربة

وأما السابعة والثامنة .. فالعناية ببيته وماله .. والرعاية لنفسه وعياله

أما التاسعة والعاشرة .. فلا تعصين له أمرا ولا تفشين له سرا .. فإنك أن عصيت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره .. ثم بعد ذلك .. إياك والفرح حين اكتئابه والاكتئاب حين فرحه .. فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير .. وأشد ما تكونين له إعظاما .. أشد ما يكون لك إكراما .. ولن تصلي إلى ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاكي .. وهواه على هواكي .. فيما أحببت أو كرهت .. والله يصنع لك الخير

الأم هي:  امامة بنت الحارث بن عوف الشيبانية ، قيل اسمها «قرصافة» ، وقيل هي البرصاء والدة شبيب ، وزوجها عوف بن محلم الشيباني. فصيحة من فصيحات العرب ، لها وصية تعد من أفضل ما قيل في موضوعها ، أوصت بها ابنتها «أم إياس» لما تزوجها ملك كندة الحارث بن عمرو

ومن هؤلاء الذين اشتهرت مواقفهم أكثر من سيرتهم الشخصية، تلك الأعرابية الحكيمة أمامة بنت الحارث، التي أبقت وصيتها لابنتها عند زوجها: سيرتها بين الأجيال من مختلف العصور والأجيال؛ لما فيها من إصابة واقعية لجوهر الحياة الزوجية، وبناء الأسرة الناجحة

وأمامة بنت الحارث: هي إحدى فصيحات العرب في الجاهلية، وهي زوجة عوف بن محلم الشيباني، أحد أشراف العرب، وقد ضرب المثل بوفائه، فقيل: أوفى من عوف بن محلم، وكانت تضرب له قبة في سوق عكاظ، وقد مات سنة 40 قبل الهجرة النبوية الشريفة.

وتذكر المصادر التاريخية: أن أمامة بنت الحارث أقبلت على ابنتها توصيها حين قرر الحارث بن عمرو الكندي، الزواج من ابنتها.

ويذكر المؤرخون: أن الحارث بن عمرو الكندي كان من ملوك اليمن، وفد إلى امرأة من قومه، ذات عقل وبيان وأدب، يقال لها عصام، فقال: إنه بلغني عن بنت عوف جمال وكمال، فاذهبي واعلمي لي عليها.

فانطلقت حتى دخلت على أمها، فأخبرتها بما جاءت به، وإذ أمها كأنها خاذل من الظباء، وحولها بنات لها كأنهن شوادن الغزلان، والخاذل من الظباء: يقصد به أن الأم تفرغت لبناتها، وأحاطتهن بالرعاية، رغن أنهن شوادن، أي كالغزلات التي لم تعد تحتاج رعاية أمهاتها.

  وحين علمت أمامة الخبر أرسلت إلى ابنتها. فقالت: يا بنية إن هذه خالتك، أتتك لتنظر إلى بعض شأنك، فاخرجي إليها، ولا تستتري عنها بشيء، وناطقيها فيما استنطقتك فيه، فدخلت عليها، ثم خرجت من عندها. وهي تقول: ترك الخداع من كشف القناع، فذهبت هذه الجملة مثلا.

فلما ذهبت عصام إلى الحارث، وأخبرته بما رأته من الفتاة بالتفصيل، فبعث الحارث إلى أبيها فخطبها وتزوجها، وبعث إليها من الصداق بمثل مهور نساء الملوك، مائة ألف درهم، وألف من الإبل، فلما حان أن تحمل إليه، دخلت أمها إليها لتوصيها.

No comments:

Post a Comment