Wednesday, December 3, 2025

بريجيت باردو


وراء تلك المرأة الجميلة، أيقونة الجمال الفرنسي بريجيت باردو، ووراء كل أعمالها الخيرية تجاه الحيوانات، كان مجرد قناع براق يخفي ظلا مخيف .
قناع صُنع من شهرة عالمية ومن أنانية الـ«إيغو» التي غلبت على صوت القلب، حتى صارت الرحمة التي منحتها للحيوانات حرمانًا قاسيًا لابنها من الحنان نفسه.

في سنة 1960، أنجبت بريجيت باردو ابنها الوحيد نيكولا شاررييه من الممثل جاك شاررييه.
لكن بدلاً من أن ترى فيه امتدادًا للحياة، رأته عبئًا.
وفي كتابها الشهير «Initiales B.B.» الصادر سنة 1986، صدمت العالم حين قالت:

> «كنت أعيش كأن بداخلي ورمًا سرطانيًا يتغذى مني. لم أكن أريد هذا الطفل.»

ثم أضافت عن لحظة الولادة:

«عندما وضعوه بين ذراعيّ، وجدته قبيحًا كضفدع صغير... لم أشعر بشيء، لم أرده، ولم أستطع النظر إليه.»

تلك الجمل كانت كالطعنة الأولى في قلب ابنها، الذي لم يذنب سوى أنه وُلد من أمّ لم تكن مستعدة للحب.
لم تكتفِ باردو بغيابها الجسدي عن طفولته، بل غابت روحيًا أيضًا. تركته يبحث عن حضن، بينما كانت هي تلاحق الكاميرات والأنوار.
ومع مرور السنين، حين قرأ تلك الكلمات التي كتبتها عنه ببرود، تفتّت شيء بداخله.
كلماتها لم تكن حروفًا، بل رصاصًا صوّبته الأم نحو ابنها دون أن تراه يسقط من الداخل.

لكنه لم ينهزم. كبر نيكولا بشجاعة، وواجهها ورفع ضدها دعوى قضائية بتهمة المساس بحياته الخاصة  وربح القضية.
ثم غادر فرنسا إلى الأبد، ليعيش في النرويج، بعيدًا عن وطنٍ لم يمنحه أمانا ولا دفئًا أموميًا.

قصة نيكولا شاررييه ليست مجرد رواية عن أمٍ مشهورة وابنٍ جريح، بل هي مرآة لواقع مؤلم:
أن بعض الأمهات تحت ضغط الشهرة أو الجرح أو الأنا، ينكرن الحياة التي أنجبنها، فينبت في أبنائهن صمت طويل ودموع لا تُرى.

إنها تذكير لنا بأن الأمومة ليست فعل ولادة، بل فعل وعي ورحمة.
فمن لم يتصالح مع نفسه، لن يعرف كيف يمنح حبًا دون شروط.

No comments:

Post a Comment