Friday, July 26, 2013

ظاهرة الحنين إلى الماضي


 

ظاهرة الحنين إلى الماضي وإلى قصص البطولات وأحلام التميز ، باتت تستشري بين أبناء السودان على نحو خطر ، حيث ينفصل حاضر الوعي تماماً عن واقع الأمر ، ويتواصل دون حياء مع مسببات الانتكاس القومي ، كما هو السكوت عن مدعي مهدية كان يجب اقامة الحد عليه فصار بطلاً قومياً (محفزاً تناقض المنطق والدين والتاريخ والجغرافية) ، كما هو ابتكار الرموز القومية قسراً (مثل متفرج أصابة عيار طائش فصار مناضلاً) ، كما هو مصارعة المصريين على من له السبق في التاريخ (كأن يبدل علم المصريات بخرافة السودانيات) ، كما هو نزع الوطنية عن رجال جل تهمتهم انتمائهم إلى فيصل العسكر (برغم شواهد التغيير فيما صنعوا) ، كما هو تبجيل شواذ آفاق امتهنوا عقائد مستوردة بأكثر من أهلها (برغم افتقارهم للريادة والقيادة الحقة) ، كما هو البحث عن الذات في لندن وباريس والقاهرة وواشنطن (دون مساءلة موارد الرزق والمعاش) ، كما هو تداول تساؤل الطيب عن هؤلاء (برغم أنهم نتاج الحيشان والونسة وقروية البنيان) ، كما صار الغالبية مسلمو القول لا الفعل (يحبون الله ويطيعون أبليس) ، لذا صار التعليق مراً والحادث لايهم والمستقبل يلفه الضباب ، وقد صدق القائل بأن القلم لا يزيل البلم

 الكل صار خبيراً في شئون السياسة وتحليلاتها ، وكما أن دعاوي التكفير صدرت فيما مضى ، على آيدي شبان حفظوا بضعة سور وآحاديث واستمعوا لقطب وكشك ، ولم يدركوا أنه يلزم الاحاطة بنحو الأربعين من العلوم للتصدي للفتوى ، فاليوم تملأ عيوننا كتابات من لم يقرأوا سوى العناوين ، ومن لا يعلموا عن التاريخ والحغرافية سوى النذر اليسير ، ومن لديه فراغ الزمن ليملأه صخباً ، وفراغ العقول ليملأه خرفاً ، تثيرهم حكايات المؤامرات والدسائس ، وحال التعب ينكبون على المأكل والمشروب والمناكح والمشتريات ، بضعة من أمة تعبد العروش والقروش والكروش والرموش ، فلا عجب من نهاية التاريخ

 

No comments:

Post a Comment