لم يتطلب الأمر أكثر من ساعة للوصول الى المعلومات أعلاه ، والتي تشكل البيانات الاساسية ، بدون المؤشرات الهندسية والعلمية التي قد تقود القراء الى التيه والتخبط والشك ، ومن ثم العداء
بالتأكيد أن أي نهر في أي مكان يحتاج الى حد مائي أدني من المياة لكي يستمر ولا يجف ، وبالتالي يمكن باستمرار الاستفادة منه ليس فقط في الزراعة ولكن كذلك في النقل والمواصلات والصناعة وغيرها ، ويمكن القول بأن المستويات الحالية لنهر النيل عند نقاطه الأساسية تمثل الحد المائي الأدني لبقاؤه واستمراريته
والنقاط الأساسية لقياسات وجمع بيانات نهر النيل هي أربع
- محطة الديم أعلى سد الروصيرص عند حدود السودان وأثيوبيا ، وتعتبر مقياس الايرادات المائية من النيل الأزرق أو سد النهضة
- محطة مونجولا الى الشمال من مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان ، وهي فم قناة جونجلي التي توقف العمل بها في 1983
- محطة المقرن أو الخرطوم التي تقيس ايرادات المياة من النيل الأبيض
- محطة أسوان ، والتي تمثل ايرادات النيل عند السد العالي في مصر
وتشير البيانات الى حجم الايرادات المائية عند كل من هذه المحطات
كذلك تشير الى الاستهلاك المائي في كل من البلاد الثلاث - برغم أن أثيوبيا ليست طرفاً في إدارة مياة النيل ، والفاقد من المياة بالتبخير أو التصريف الطبيعي أو الحد المائي الأدني ، وفق أعلاه
ويمكن تلخيص التناقضات في التالي
- مايصل الى 35% من الايرادات المائية عند أسوان لا يمكن حجزها وتذهب الى البحر الابيض المتوسط ، حيث تشكل الحد المائي الأدنى
- الفاقد بالتبخير يصعب التحكم فيه حيث الظروف الجغرافية والمناخية هي ما يصنعه ولا توجد حلول له
- ما يتبقى لمصر يشكل 55 مليار متر مكعب سنوياً ، ورغم أنه يتناسب مع اتفاقية مياة النيل ، إلا أنه لا يفي باحتياجات مصر المستقبلية
- يتوقع أن يؤدي سد النهضة الى تقليل الايرادات المائية عند الروصيرص خلال أعمال ملء الخزان ، وبالتالي عند أسوان ، ولكنه لن يؤثر فعلاً على الإيرادات أو يقفل توريد المياة الى مصر مستقبلاً. إنه سد لتوليد الكهرباء وليس للري
لذا فان الخلاف يتمحور حول وجهات نظر فنية وقانونية متداخلة
- تسعى مصر لتأمين الاحتياجات المتزايدة من المياة ، وبرغم ان استكمال قناة جونجلي سوف يزيد الايرادات عند أسوان بحوالي 7% ، فانها غير كافية على المدى البعيد ، ولذا تحاول مصر سن تخطيط مستقبلي يعتمد على التحكم الأشمل في مياة النيل ، وبرغم أن أثيوبيا ليست طرفاً في اتفاقية مياة النيل التي تقسم الـ 74 مليار متر مكعب بين السودان ومصر فقط ، والاتفاقية بين بريطانيا والامبراطور منليك لم تتعدى تبادل المعلومات قبل الشروع في أي منشأت تؤثر على ايرادات النيل المائية.
- لدى أثيوبيا نظرة سيادية ، وتقوم على أن تصرفاتها لن تؤثر بشكل مستدام على مياة النيل سوى في فترات ملء الخزان ، وحيث ن الزراعة في أثيوبيا تعتمد على الامطار بنحو 80% ، وعدا هذا فان الايرادات المائية عند محطة الروصيرص لن تتأثر ، هذا فضلا عن ان احتياجاتها للكهرباء (7 جيجابيت) سوف تشكل استراتيجية تنموية لا بديل لها ، هكذا تريد أثيوبيا من مصر والسودان التحلي بالصبر لحين ملء الخزان وعودة الايرادات المائية الى معدلاتها الطبيعية
أشكر كل من قراء المقال ، ولم يعلق ، وأدري أن الأرقام لا تكذب ، وهي تشكل صدمة للكثيرين ممن قد صبغ الاعلام رؤيتهم ، وتركهم لا يعرفون الصواب من الخطأ
ReplyDeleteأسأل المولى تعالى أن لا يغالي الساسة في جر الجماهير الكادحة نحو ما لا يحمد عقباه
مقال موضوعي وأكثر من رائع أستاذنا الجليل
ReplyDeleteالمثير هو تراجع الأطراف عن العنف الإعلامي والسياسي ، والاحتماك للمنطق ، بعد أن تبين للكثير حول العالم أن شعوب العالم الثالث تدير خلافاتها بشكل عشوائي وعاطفي ، وأحيانا كثيرة بغير ذكاء
ReplyDeletehttps://www.youtube.com/watch?v=1qwpyonf2og
ReplyDelete