بغض النظر عن جدليات المرجع
الغالب أن هذه المقولة ليست بحديث نبوي ، ولكنها حكمة
أموية تعبر عن فهم عميق وقديم لديناميات الاجتماع السياسي ، وتتفق في مضمونها مع
أدوات التحليل المعرفي على نحو كلي
والراصد لتطور البناء الاجتماعي الثقافي في العديد من البلدان الناطقة بالضاد ،
يجد تطبيق لا يمسه نقد أو خلاف على أن الحال العربي الآني هو ترجمة صادقة
لتلك المقولة
ولا يجب أن يتخبط الناقد الواعي بالتغييرات الحالية في نسق البنيوية الاجتماعية ،
فما يحدث على الساحة السياسية هو محصلة عديد من العقود ، ويمكن أن تكون قرون ، من
التخبط والتيه والفوضى في المجتمع
فكما أن الرقص الشرقي هو رقص البدويات قبل عشرة قرون ،
تحول بفعل النغم والتشكيل الوارد من جوجرات الهند وفارس والأناضول ، ليصير معلماً
تراثياً في بيروت والقاهرة ، مثلما أن الجدل السياسية في بغداد وصنعاء وتونس صار
بضعة من حوار الطرشان يحاولون تقليد الديمقراطيات الغربية ، أو الهندية
وبكم الهزل والفكاهة السوداء في القاهرة والخرطوم ودمشق
، بكم سرقة أحلام المساكين وطعام الجوعى وشراب العطشى ووعي الجهال ، دون إدراك أو
فهم مضامين المسئولية الاجتماعية لاستثمار روؤس الأموال وجني الأرباح.. أو حتى
الزعامة
الأمر برمته يعود إلى عصر المماليك ، عندما صار العبيد
ملوكاً ، وصار الملوك عبيداً ، وأختلط الحابل بالنابل بدعاوي الحق التي دوماً يراد
بها الباطل
فهل يتسأل المصريون عن "تحشيش" سياسيوهم ؟
وهل يتسأل السودانيون عن "سفسطائية" قادتهم؟
وهل يتسأل السوريون عن "دموية" حكامهم؟
وهل يتسأل الليبيون عن "هزال" زعمائهم؟
وهل يتسأل الآخرون عن أية أنموذج أتى منه قادتهم..؟
الأمر برمته مدعاة للحزن القاتل وكسر الخاطر ، وضرورة
البحث عن وطن بديل
بالمناسبة
أثيوبيا تكاد
تكون المجتمع الوحيد في العالم الذي لم يستعمر
بينما مصر لم يحكمها مصري منذ الفراعنة وحتى مجئ جمال عبدالناصر
كلاهما مجتمع أساسه الزراعة ونهر النيل ، كلاهما قطب للأرذوكسية الأفريقية ، كلاهما يحمل هم الراديكالية الاسلامية ، كلاهما يملك أكبر الجيوش عربياً وأفريقياً ، كلاهما يطمح ليتربع على كرسي أفريقيا الدائم في مجلس الأمن ، كلاهما يعاني من الفقر (30%) والأمية (70%) و80 مليون من السكان.. كلاهما يجذب الأنظار على نحو ما
كلاهما ورد في أحاديث المصطفي علية الصلاة والسلام
لعل المواجهة بين العملاقين ستكون سجال معرفي يندر تكراره
أوليس..؟
No comments:
Post a Comment